كتاب الضوء اللامع لأهل القرن التاسع (اسم الجزء: 1)
فَإِنَّهُ سَأَلَ عَنهُ رَجَاء زيارته فَقيل أَنه غَائِب حَتَّى صَار الْمشَار إِلَيْهِ بالزهد فِي تِلْكَ النواحي وَقصد للزيارة من سَائِر الْآفَاق وَكَثُرت تلامذته ومريدوه وتهذب بِهِ جمَاعَة وعادت على النَّاس بركته وشغل كلا فِيمَا يرى حَاله يَلِيق بِهِ فِي النجابة وَعدمهَا وَهُوَ فِي الزّهْد والورع والتقشف وَاتِّبَاع السّنة وَصِحَّة العقيدة كلمة إِجْمَاع بِحَيْثُ لَا أعلم فِي وقته من يدانيه فِي ذَلِك وانتشر ذكره وَبعد وحيته وَشهد بخيره كل من رَآهُ، قَالَ ابْن أبي عذيبة وَكَانَ شَيخا طَويلا تعلوه صفرَة حسن المأكل والملبس والملتقى لَهُ مكاشفات ودعوات مستجابات غير عَابس وَلَا مقت وَلَا يَأْكُل حَرَامًا وَلَا يشْتم وَلَا يلعن وَلَا يحقد وَلَا يُخَاصم بل يعْتَرف بالتقصير وَالْخَطَأ ويستغفر وَإِذا أقبل على من يخاصمه لاطفه بالْكلَام اللين حَتَّى يَزُول مَا عِنْده وَلَا ينَام من اللَّيْل إِلَّا قَلِيلا وَلما اجْتمع مَعَ الْعَلَاء البُخَارِيّ وَذَلِكَ فِي ضِيَافَة عِنْد ابْن أبي الْوَفَاء بَالغ الْعَلَاء فِي تَعْظِيمه بِحَيْثُ أَنه بعد الْفَرَاغ من الْأكل بَادر لصب المَاء على يَدَيْهِ ورام الشَّيْخ فعل ذَلِك مَعَه أَيْضا فَمَا مكنه وَصرح بانه لم ير مثله، وجدد بالرملة مَسْجِدا لأسلافه صَار كالزاوية يُقيم بهَا من أَرَادَ الِانْقِطَاع إِلَيْهِ فيواسيهم بِمَا لَدَيْهِ على خفَّة ذَات الْيَد ويقرئ بهَا وَكَذَا لَهُ زَاوِيَة بِبَيْت الْمُقَدّس وَكَذَا قَالَ ابْن أبي عذيبة أَنه بنى بالرملة جَامعا كَبِيرا بِهِ خطْبَة وبرجا على جَانب الْبَحْر بثغر يافا فخفض المينا وَكَانَ كثير الرِّبَاط فِيهِ وَلما قدم الْعَلَاء البُخَارِيّ الْقُدس اجْتمع بِهِ ثَلَاث مَرَّات الأولى مُسلما وَجَلَسْنَا ساكتين فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ أَبُو بكر بن أبي الوفا يَا سَيِّدي هَذَا ابْن رسْلَان فَقَالَ أعرف ثمَّ قَرَأَ الْفَاتِحَة وتفرقا وَالثَّانيَِة أول يَوْم من رَمَضَان اجْتمعَا وَشرع الْعَلَاء يُقرر فِي أَدِلَّة ثُبُوت رُؤْيَة هِلَال رَمَضَان بِشَاهِد وَيذكر الْخلاف فِي ذَلِك وَابْن رسْلَان لَا يزِيد على قَوْله نعم وانصرفا ثمَّ أَن الْعَلَاء فِي لَيْلَة عاشره سَأَلَ ابْن أبي الْوَفَاء فِي الْفطر مَعَ ابْن رسْلَان فَسَأَلَهُ فَامْتنعَ فَلم يزل يلح عَلَيْهِ حَتَّى أجَاب فَلَمَّا أفطر أحضر خَادِم الْعَلَاء الطست والإبريق بَين يَدي الْعَلَاء فَحمل الْعَلَاء الطشت بيدَيْهِ مَعًا وَوَضعه بَين يَدي ابْن رسْلَان وَأخذ الإبريق من الْخَادِم وصب عَلَيْهِ حَتَّى غسل وَلم يحلف عَلَيْهِ وَلَا تشوش وَلَا توجه لفعل نَظِير مَا فعله الْعَلَاء مَعَه غير أَنه لما فرغ الْعَلَاء من الصب عَلَيْهِ دَعَا لَهُ بالمغفرة فشرع يُؤمن على دُعَائِهِ ويبكي ثمَّ أَن خَادِم الْعَلَاء صب عَلَيْهِ فَلَمَّا تفَرقا خرج ابْن أبي الْوَفَاء مَعَ ابْن رسْلَان فَقَالَ لَهُ ابْن رسْلَان صُحْبَة الأكابر حصر قَالَ ابْن أبي لوفاء ثمَّ دخلت على الْعَلَاء فشرع يثني عَلَيْهِ فَقلت لَهُ يَا)
سَيِّدي وَالله مَا فِي هَذِه الْبِلَاد
الصفحة 284