كتاب الضوء اللامع لأهل القرن التاسع (اسم الجزء: 1)
لي من كراماته أَبُو عبد الله بن الْعِمَاد بن البلبيسي وَمن قبله أَبُو سعد الْقطَّان وَأَبُو الْعَزْم الحلاوي ومناقبه كَثِيرَة ومراتبه شهيرة، وَعِنْدِي من تَرْجَمته مَا لَو بسطته لَكَانَ فِي كراسة ضخمة. مَاتَ فِي رَمَضَان وَقَالَ ابْن أبي عذيبة فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء رَابِع عشري شعْبَان سنة أَربع وَأَرْبَعين بسكنه من الْمدرسَة الختنية بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى من بَيت الْمُقَدّس وَدفن بتربة ماملا بِالْقربِ من سَيِّدي أبي عبد الله الْقرشِي وَارْتجَّ بَيت الْمُقَدّس بل غَالب الْبِلَاد لمَوْته وَصلى عَلَيْهِ بِجَامِع الْأَزْهَر وَغَيره صَلَاة الْغَائِب، وَقَالَ ابْن قَاضِي شُهْبَة وَقد صلينَا عَلَيْهِ صَلَاة الْغَائِب بالجامع الْأمَوِي فِي يَوْم الْجُمُعَة رَابِع رَمَضَان، وَهَذَا يُؤَيّد أَن مَوته فِي شعْبَان وَقيل إِنَّه لما ألحد سَمعه الحفار يَقُول رب أنزلني منزلا مُبَارَكًا وَأَنت خير المنزلين وَرَآهُ حُسَيْن الْكرْدِي أحد الصَّالِحين بعد مَوته فَقَالَ لَهُ مَا فعل الله بك قَالَ أوقفني بَين يَدَيْهِ وَقَالَ يَا أَحْمد أَعطيتك الْعلم فَمَا عملت بِهِ قَالَ عَلمته وعملت بِهِ فَقَالَ صدقت يَا أَحْمد تمن عَليّ فَقلت تغْفر لمن صلى عَليّ فَقَالَ قد غفرت لمن صلى عَلَيْك وَحضر جنازتك، وَلم يلبث الرَّائِي أَن مَاتَ. وَلم يخلف فِي مَجْمُوعه مثله علما ونسكا وزهدا نفعنا الله ببركاته. قَالَ ابْن قَاضِي شُهْبَة: وَكَانَ جَامعا بَين الْعلم وَالْعَمَل والزهد وَلم يكن بعد الحصني أزهد مِنْهُ وَسُئِلَ عَنهُ عمر بن حديم العجلوني الزَّاهِد الْوَلِيّ حِين قدم الْقُدس أهوَ من الْأَوْلِيَاء فَقَالَ مَا أَهْون الْوَلِيّ عِنْد النَّاس وَأَيْنَ دَرَجَة الْولَايَة فَقيل لَهُ هُوَ عَارِف فَقَالَ وَمَا أَهْون الْعرْفَان عنْدكُمْ فَقيل لَهُ فَمَا هُوَ فَقَالَ عَابِد خَائِف قيل لَهُ فعبد الْملك الْموصِلِي فَقَالَ رجل ينْطق بالحكمة قيل لَهُ فَأَبُو بكر بن أبي الْوَفَاء فَقَالَ رجل قَائِم بِمَا عَلَيْهِ من حُقُوق الْعباد. فَحكى هَذَا كُله للعز عبد السَّلَام الْقُدسِي فَقَالَ لله در هَذَا الرجل وَكَيف فَاتَنِي الِاجْتِمَاع بِهِ وتأسف على لقِيه. وترجمه المقريزي فِي عقوده وَقَالَ أَنه كتب إِلَيّ وكتبت إِلَيْهِ وَلم يقدر لي لقاؤه فرحمه الله فَلَقَد كَانَ مُقبلا على الْعِبَادَة غزير الْعلم كثير الْخَيْر مربيا للمريدين محسنا للقادمين متبركا بدعائه ومشاهدته صَادِق التأله متخلقا من الْمُرُوءَة وَالْعلم والزهد وَالْفضل والانقطاع إِلَى الله بأكمل الْأَخْلَاق بِحَيْثُ يظْهر عَلَيْهِ سِيمَا السكينَة وَالْوَقار ومهابة الصَّالِحين قَالَ وَبِالْجُمْلَةِ فَلَا أعلم بعده مثله، وَلم يسلم الشَّيْخ من أَذَى البقاعي فقد قَرَأت بِخَطِّهِ فِي بعض مجاميعه أَن جماعته الْمَوْجُودين الْآن لم يَنْبغ مِنْهُم غير شخص وَاحِد وَهُوَ أَبُو الأسباط وَأما بَقِيَّتهمْ فمساوئ)
كل مِنْهُم غالبة عَلَيْهِ أَو لَيْسَ فِيهِ حَسَنَة إِلَّا نَادرا وَإِنِّي كنت أتعجب من ذَلِك جدا لكَون الشَّيْخ كَانَ من الْعلمَاء الزهاد قل أَن
الصفحة 287