كتاب تراجم المؤلفين التونسيين (اسم الجزء: 1)

وما ضرّ العباد إذا تدانت … أواصر من لسان واعتقاد
وإن المسلمين على التآخي … وإن أغرى الأجانب بالتعادي
أتونس إن يحدك ذو انتماء … إلى عليا نزار أو إياد
لنا (بثعالبيّك) خير ملق … على أشتاتنا حبل اتحاد
وأكبر حامل بيد اعتزام … لحب بلاده علم التفادي
وأسمى من سما أدبا وعلما … وأفصح من تكلم عن سداد
دع القول المريب وقائليه … وسل عنه المنابر والنوادي
تجده خطيبها من كل خطب … ومدرهها لدى كلّ احتشاد
فتى صلحت عزائمه وجلّت … عن الروغان في طلب المراد
تغرب ضاربا في الأرض يبغي … مدى من دونه خرط القتاد
فأوغل في المفاوز والموامي … وطوّف في الحواضر والبوادي
وكان طوافه شرقا وغربا … لغير تكسّب وسوى ارتفاد
ولكن ساح لاستنهاض قوم … حكوا بجمودهم صفة الجماد
يغار على العروبة ان يراها … مهدّدة المصالح بالفساد
فأنّى سار كان له هدير … يهزّ دويّه أقصى البلاد
وكم قد قام في ناد خطيبا … بمحكمة المقاصد والمبادي
تنير بكهربائيّ المعاني … أمورا كن كالظّلم الدآد
تحلّ من القلوب إذا دعتها … محلّ الحب من شغف الفؤاد
إلى أن جاء حاضرة نماها … أبو الإنماء ذو الشرف التّلاد
فكان نزوله في ساكنيها … نزول الماء في المهج الصّوادي
فيا عبد العزيز أقم عزيزا … بحيث الأرض طيبة المراد
يحييك العراق برافديه … تحية مخلص لك في الوداد
وكان المترجم له على معرفة سابقة بالملك فيصل ورستم حيدر رئيس الديوان الملكي في إستانبول وباريس، لذلك لم يكد يصل إلى بغداد حتى سارع بالسلام على الملك وشكره على تفضل حكومته بدعوته لزيارة العراق. واقترح عليه الملك فيصل أن يكون أستاذا في (جامعة آل البيت) التي تم تأسيسها منذ سنة ببغداد، وشكر الثعالبي هذا اللطف وأيد ما أبداه وقال: أنا بانتظار جلالتكم، وغادر البلاط الملكي وهو مسرور بهذا اللقاء.
وبعد إجراءات باشر عمله الجامعي في مطلع سنة 1926، ودرّس بها مادة (الفلسفة الإسلامية) في الصف الثاني منها ومادة (حكمة التشريع) في الصف الثالث، ودرس هاتين المادتين خلال الخمس سنوات التي قضاها أستاذا في هذه الجامعة إلى أن أصدر أمر بإلغائها سنة 1930.

الصفحة 219