كتاب التفسير الحديث (اسم الجزء: 1)

يتخلصوا من بعض الأخطاء والمباينات أن جاءت غير ذات بال من حيث الجوهر والمعنى، وإذا كان مثل هذه الأخطاء يقع اليوم والمدارس منتشرة والناشئة تتعلم فيها بطريقة موحدة بسبب تفاوت الإتقان والعناية والمران فوقوعها في ذلك العصر الذي لم تكن الكتابة فيه قد وصلت إلى تمامها من النضج من باب أولى. وقد فرضنا أن يكون المنسوخ في أول الأمر من المصاحف العثمانية مصحفا واحدا تعاقب عليه أكثر من كاتب ثم نسخت عنه المصاحف الأخرى لأن هذا الفرض هو الذي يستقيم ويتسق مع وجود تلك المباينات إذ لو نسخت المصاحف جميعها مرة واحدة من قبل عدد من الكتاب لكان تعذر فرض اتحادهم في هذه المباينات التي لا ترجع إلى سبب إملائي فني كما أن ما فرضناه هو المعقول الذي تطمئن به النفس ويتفق مع طبيعة الأمر على ما هو المتبادر.
ولقد علق ابن خلدون على هذه الظاهرة فقال: كان الخط العربي لأول الإسلام غير بالغ إلى الغاية من الإحكام والإتقان والإجادة. وانظر ما وقع لأجل ذلك في رسمهم لمصحف حيث رسمه الصحابة بخطوطهم، وكانت غير محكمة في الإجادة فخالف الكثير من رسومهم ما اقتضته رسوم صناعة الخط عند أهلها.
ثم اقتفى التابعون من السلف رسمهم فيها تبركا بما رسمه أصحاب رسول الله وخير الخلق بعده كما يقتفى لهذا العهد خط ولي أو عالم تبركا ويتبع رسمه خطأ أو صوابا ...
ونحن نعرف أن لعلماء القراءات تخريجات لهذا التباين. ولكن المدقق يجد فيها تكلفا وتجاوزا كبيرين لا يبعثان اطمئنانا ولا يوجبان اقتناعا ولا سيما أن في هذا التباين كما قلنا أمثلة لا تختلف عن بعضها نحوا وصرفا ونظما وموقع جملة ومعنى.
وهناك مسألة أخرى في صدد رسم المصحف العثماني يثيرها حديثان أحدهما مروي عن عائشة ووصف بأنه بإسناد صحيح على شرط الشيخين، وقد

الصفحة 134