كتاب التفسير الحديث (اسم الجزء: 1)

مددا من النبي فأرسل معهم سبعين من الأنصار ممن كانوا يسمون القراء في زمنهم. وفي حديث جمع القرآن في عهد أبي بكر إشارة إلى القتل الذي استحر بالقراء والخشية من موتهم في المواطن الأخرى. فهذه الأحاديث والروايات تفيد أولا أن القرآن كان محفوظا في الصدور ومدونا في الصحف في ترتيب ثابت آيات في سور وسور في تسلسل لأن حفظ القرآن لا يمكن أن يتيسر إلا بذلك، وتفيد ثانيا أنه كان من الصحابة من يواظب عل تلاوته تعبدا وتفقها، وتفيد ثالثا أن طبقة القراء والحفاظ كانت كثيرة العدد في حياة النبي.
19- وأخرج الحاكم عن عبد الله بن قسطنطين أنه قرأ ختمة على عبد الله بن كثير وهذا إمام من أئمة القراء وهو تابعي فلما بلغ الضحى قال كبّر حتى تختم وأخبره أنه قرأ على مجاهد فأمره بذلك وأن مجاهدا أخبره أنه قرأ على ابن عباس فأمره بذلك وأن ابن عباس أخبره أنه قرأ على أبيّ فأمره بذلك، وأن أبيا أخبر ابن عباس أنه قرأ على النبي فأمره بذلك. وقد روي عن الإمام الشافعي أنه قال إذا تركت التكبير فقد تركت سنّة من سنن نبيك. وهذا وذاك يفيد أن القرآن كان مرتب السور في حياة النبي وفاق ترتيب المصحف المتداول.
20- وروى أبو منصور الأرجاني في كتاب «فضائل القرآن» أن النبي كان يقول عند ختم القرآن اللهم ارحمني بالقرآن واجعله لي إماما ونورا وهدى ورحمة.
اللهم ذكرني منه ما نسيت وعلمني منه ما جهلت وارزقني تلاوته آناء الليل والنهار واجعله حجة لي يا ربّ العالمين. وهذا يفيد ما تفيده الأحاديث السابقة آنفا.
21- وفي «مسند الإمام أحمد» حديث عن عبد الله بن مسعود جاء فيه أنه سمع من فم رسول الله بضعا وسبعين سورة. وهذا يفيد أن ما يقرب من ثلثي سور القرآن كان معروف الشخصية تام الترتيب في آياته منذ حياة النبي عليه السلام.
22- وفي حديث البخاري أن ابن عباس قال إنه جمع المحكم في عهد رسول الله فسأله الراوي عن المحكم فقال المفصل وكان ابن عباس صبيا في حياة النبي كما هو معروف. وهذا يفيد أن السور كانت مرتبة وفاق ترتيبها المتداول

الصفحة 83