كتاب نيل الأوطار (اسم الجزء: 1)

287 - (وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ «أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحِي مِنْ الْحَقِّ فَهَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ الْغُسْلُ إذَا احْتَلَمَتْ؟ قَالَ: نَعَمْ إذَا رَأَتْ الْمَاءَ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ وَتَحْتَلِمُ الْمَرْأَةُ، فَقَالَ: تَرِبَتْ يَدَاك فَبِمَا يُشْبِهُهَا وَلَدُهَا.» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالسَّنَدِ مِنْ اشْتِهَارِ الْمُتُونِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَإِلَّا فَيَزِيدُ لَيْسَ مِنْ رِجَالِ الْحَسَنِ فَكَيْفَ الصَّحِيحُ. وَأَيْضًا الْحَدِيثُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَلِيٍّ، وَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ عِنْدَ أَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنِ مَاجَهْ. وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عِنْدَ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرِهِ.
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْغُسْلِ مِنْ الْمَذْيِ وَأَنَّ الْوَاجِبَ الْوُضُوءُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي ذَلِكَ فِي بَابِ مَا جَاءَ فِي الْمَذْيِ مِنْ أَبْوَابِ تَطْهِيرِ النَّجَاسَاتِ.
وَيَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الْغُسْلِ مِنْ الْمَنِيِّ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالتَّابِعِينَ، وَبِهِ يَقُولُ سُفْيَانُ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ. قَوْلُهُ: (حَذَفْت) يُرْوَى بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا ذَالٌ مُعْجَمَةٌ مَفْتُوحَةٌ ثُمَّ فَاءٌ وَهُوَ الرَّمْيُ وَهُوَ لَا يَكُونُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ إلَّا لِشَهْوَةٍ وَلِهَذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ مَا يَخْرُجُ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ إمَّا لِمَرَضٍ أَوْ أَبْرِدَةٍ لَا يُوجِبُ الْغُسْلَ انْتَهَى.
287 - (وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ «أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحِي مِنْ الْحَقِّ فَهَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ الْغُسْلُ إذَا احْتَلَمَتْ؟ قَالَ: نَعَمْ إذَا رَأَتْ الْمَاءَ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ وَتَحْتَلِمُ الْمَرْأَةُ، فَقَالَ: تَرِبَتْ يَدَاك فَبِمَا يُشْبِهُهَا وَلَدُهَا.» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) . لِلْحَدِيثِ أَلْفَاظٌ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ عَنْ أُمِّ سُلَيْمٍ وَمِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ " أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْ "، وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ " أَنَّ بُسْرَةَ سَأَلَتْ " أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ. وَعَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ.
قَوْلُهَا: " إنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحِي " جَعَلَتْ هَذَا الْقَوْلَ تَمْهِيدًا لِعُذْرِهَا فِي ذِكْرِ مَا يُسْتَحْيَا مِنْهُ، وَالْمُرَادُ بِالْحَيَاءِ هُنَا مَعْنَاهُ اللُّغَوِيُّ إذْ الْحَيَاءُ الشَّرْعِيُّ عَلَى خَيْرٍ كُلُّهُ، وَالْمُرَادُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَأْمُرُ بِالْحَيَاءِ فِي الْحَقِّ أَوْ لَا يَمْنَعُ مِنْ ذِكْرِ الْحَقِّ؛ لِأَنَّ الْحَيَاءَ تَغَيُّرٌ وَانْكِسَارٌ وَهُوَ مُسْتَحِيلٌ عَلَيْهِ وَقِيلَ: إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى التَّأْوِيلِ فِي الْإِثْبَاتِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي النَّفْيِ، قَوْلُهُ. (احْتَلَمَتْ) الِاحْتِلَامُ: افْتِعَالٌ مِنْ الْحُلْمِ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَهُوَ مَا يَرَاهُ النَّائِمُ فِي نَوْمِهِ، الْمُرَادُ بِهِ هُنَا أَمْرٌ خَاصٌّ هُوَ الْجِمَاعُ.
وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سُلَيْمٍ أَنَّهَا قَالَتْ: (إذَا رَأَتْ أَنَّ زَوْجَهَا يُجَامِعُهَا فِي الْمَنَامِ أَتَغْتَسِلُ) . قَوْلُهُ: (إذَا رَأَتْ الْمَاءَ) أَيْ الْمَنِيَّ بَعْدَ الِاسْتِيقَاظِ. قَوْلُهَا: (وَتَحْتَلِمُ الْمَرْأَةُ) بِحَذْفِ هَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ، فِي بَعْضِ نُسَخِ الْبُخَارِيِّ بِإِثْبَاتِهَا. قَوْلُهُ: (تَرِبَتْ يَدَاك) أَيْ افْتَقَرَتْ وَصَارَتْ عَلَى التُّرَابِ وَهُوَ مِنْ الْأَلْفَاظِ الَّتِي تُطْلَقُ عِنْدَ الزَّجْرِ وَلَا يُرَادُ بِهَا ظَاهِرُهَا.
قَوْلُهُ: (فَبِمَا يُشْبِهُهَا وَلَدُهَا) بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَإِثْبَاتِ أَلْفِ مَا

الصفحة 275