كتاب البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع (اسم الجزء: 1)

المملكة وَحبس الْخَلِيفَة رام جعل ذَلِك وَسِيلَة لما حدثته بِهِ نَفسه فَغَضب من ذَلِك وَخرج فِي سنة 785 إِلَى الشَّام ثمَّ إِلَى الْعرَاق يَدْعُو إِلَى طلب رجل من قُرَيْش فاستقرى جَمِيع الممالك وَدخل حلب فَلم يبلغ قصداً ثمَّ رَجَعَ إِلَى الشَّام فاستغوى كثيراً من أَهلهَا وَكَانَ من أكبر الموافقين لَهُ مِمَّن يتدين مِنْهُم الياسوفي والحسباني لما ظهر من فَسَاد الْأَحْوَال وَكَثْرَة المعاصي وفشوّ الرِّشْوَة فِي الْأَحْكَام وَغير ذَلِك فَلم يزل على هَذِه الطَّرِيقَة إِلَى أَن نمى أمره إِلَى بيدمر نَائِب الشَّام فَسمع كَلَامه وأصغى إليه وَلم يشوش عَلَيْهِ لعلمه أَنه لَا يجِئ من يَدَيْهِ شئ ثمَّ نمى أمره إِلَى نَائِب القلعة شهَاب الدَّين الحمصي وَكَانَت بَينه وَبَين بيدمر عَدَاوَة شَدِيدَة فَوجدَ فرْصَة فى التأليب عَلَيْهِ بذلك فَاسْتَحْضر ابْن الْبُرْهَان واستخبره وَأظْهر أَنه مَال إِلَى مقَالَته فَبَثَّ إليه جَمِيع مَا كَانَ يَدْعُو إليه فَتَركه ثمَّ كَاتب السُّلْطَان بذلك كُله فَلَمَّا علم بِهِ كتب إِلَى النَّائِب يَأْمُرهُ بتحصيل ابْن الْبُرْهَان وَمن وَافقه على رَأْيه وبتشهيرهم فتورّع النَّائِب عَن ذَلِك وتكاسل عَنهُ وَأجَاب بالشفاعة فيهم وَالْعَفو عَنْهُم وَأَن أَمرهم متلاشي وَإِنَّمَا هم قوم خفت أدمغتهم من الدَّرْس وَاسْتمرّ ابْن الحمصي في انتهاز الفرصة فكاتب أيضاً بِأَن النَّائِب قد عزم على المخامرة فوصل إليه الْجَواب بمسك ابْن الْبُرْهَان وَمن كَانَ على رأيه وإن آل الْأَمر في ذَلِك إِلَى قتل بيدمر فَمَاتَ الياسوفي خوفاً بعد أَن قبض عَلَيْهِ وفرّ الحسباني وَلما حضر الْبُرْهَان إِلَى السُّلْطَان استدناه واستفهمه عَن سَبَب قِيَامه عَلَيْهِ فَأعلمهُ أَن غَرَضه أَن يقوم رجل من قُرَيْش يحكم بِالْعَدْلِ فإن هَذَا هُوَ الدَّين الَّذِي لَا يجوز غَيره وَزَاد في نَحْو هَذَا فَسَأَلَهُ عَمَّن مَعَه على مثل

الصفحة 100