كتاب البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع (اسم الجزء: 1)

رَأْيه من الْأُمَرَاء فبرأهم فَأمر بضربه فَضرب هُوَ وَأَصْحَابه وحبسوا في الخزانة حبس أهل الجرائم وَذَلِكَ في ذي الْحجَّة سنة 788 ثمَّ أفرج عَنْهُم في ربيع الأول سنة 791 فاستمر ابْن الْبُرْهَان مُقيما بِالْقَاهِرَةِ على صُورَة إملاق إِلَى أَن مَاتَ لأَرْبَع بَقينَ من جُمَادَى الأولى سنة 808 ثَمَان وَثَمَانمِائَة وحيداً فريدا بِحَيْثُ لم يحضر فى جنازنه إِلَّا سَبْعَة أنفس لَا غير وَكَانَ ذَا مُرُوءَة علية وَنَفس أَبِيه حسن المذاكرة والمحاضرة عَارِفًا بأكثر الْمسَائِل الَّتِى يُخَالف فِيهَا أهل الظَّاهِر الْجُمْهُور يكثر الِانْتِصَار لَهَا ويستحضر أدلتها وأملى وَهُوَ في الْحَبْس بِغَيْر مطالعة مَسْأَلَة رفع الْيَدَيْنِ فِي السُّجُود وَمَسْأَلَة وضع الْيُمْنَى على الْيُسْرَى في الصَّلَاة ورسالة في الإمامة وَذَلِكَ يدل على وفور اطِّلَاعه قَالَ ابْن حجر وَقد جالسته كثيراً وَسمعت من فَوَائده كثيراً وَكَانَ كثير الإنذار بِمَا حدث بعده من الْفِتَن والشرور لما جبل عَلَيْهِ من الِاطِّلَاع على أَحْوَال النَّاس وَلَا سِيمَا مَا حدث من الغلاء وَالْفساد بِسَبَب رخص الْفُلُوس بِالْقَاهِرَةِ بِحَيْثُ أَنه رأى عندي قَدِيما مرة مِنْهَا جانباً كثيراً فَقَالَ لي أحذر أَن تقتنيها فإنها لَيست رَأس مَال فَكَانَ كَذَلِك لِأَنَّهَا كَانَت في ذَلِك الْوَقْت يساوي القنطار مِنْهَا عشْرين مِثْقَالا فأكثر وَصَارَ الْأَمر في هَذَا الْعَصْر إِلَى أَنَّهَا تساوي أربعة مَثَاقِيل ثمَّ صَار تساوى ثَلَاثَة ثمَّ اثْنَيْنِ وَربع وَنَحْو ذَلِك ثمَّ انعكس الْأَمر بعد ذَلِك وَصَارَت من عِنْده شئ مِنْهَا اغتبط فِيهِ لما رفعت قيمتهَا من كل رَطْل إِلَى اثني عشر ثمَّ إِلَى أَرْبَعَة وَعشْرين ثمَّ انعكس الْأَمر فَظهر أَنَّهَا لَيست مَالا يقتنى لوُجُود الْخلَل في قيمتهَا وَعدم ثباتها على قيمَة وَاحِدَة انْتهى

الصفحة 101