كتاب البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع (اسم الجزء: 1)

فأجاب عَنْهَا ودعا على ذَلِك الْحَاسِد فَمَاتَ قبل أَن يمر عَلَيْهِ أُسْبُوع وَكَانَ كثيير التِّلَاوَة وَالْعِبَادَة مديماً لصَلَاة الْجَمَاعَات حسن الأخلاق كريم النَّفس وَكَانَ يقْعد في علو دَاره والزنبيل مُعَلّق فَيلقى المستفتي الورقة فِيهِ ويحركه فيجذبه وبكتب جَوَابه ثمَّ يدليه إليه وإنما فعل كَذَلِك لِئَلَّا ينْتَظر النَّاس بِبَابِهِ للْفَتْوَى فَكَانَ يَأْمر بِالْمَعْرُوفِ وَينْهى عَن الْمُنكر وَاسْتمرّ على ذَلِك إلى زمَان السُّلْطَان سليم خَان فاتفق أَنه أَمر بقتل مائَة وَخمسين رجلاً من حفاظ الخزائن فَبلغ صَاحب التَّرْجَمَة فَذهب إلى ديوَان السُّلْطَان وَلم يكن من عَادَة الْمُفْتى أن يذهب إلى هُنَالك إلا لحادث عَظِيم فتحير أهل الدِّيوَان واستقبله الوزراء وأجلسوه فِي صدر الْمجْلس ثمَّ سَأَلُوهُ عَن سَبَب مَجِيئه فَقَالَ أُرِيد أَن ألاقي السُّلْطَان ولي مَعَه كلان فبلغوا ذَلِك فأذن لَهُ السُّلْطَان فَدخل وَسلم وَجلسَ ثمَّ قَالَ وَظِيفَة أَرْبَاب الْفَتْوَى أَن يحفظوا آخِرَة السُّلْطَان وَقد سَمِعت أَنَّك قد أمرت بقتل مائَة وَخمسين رجلاً لَا يجوز قَتلهمْ شرعاً فَغَضب السُّلْطَان وَقَالَ إنك تتعرض لأمر السلطنة وَلَيْسَ ذَلِك من وظيفتك فَقَالَ بل أتعرض الْأَمر آخرتك وَأَنه من وظيفتي فإن عَفَوْت فلك النجَاة وإلا كَانَت عَلَيْك الْعقُوبَة الْعَظِيمَة فَانْكَسَرت عِنْد ذَلِك سُورَة السُّلْطَان وَعَفا عَن الْكل فَقَالَ تَكَلَّمت في أخرتك وبقي لي كَلَام يتَعَلَّق بالمروءة قَالَ السُّلْطَان مَا هُوَ قَالَ إن هَؤُلَاءِ من عبيد السُّلْطَان فَهَل يَلِيق لَهُم أَن يتكففوا النَّاس قَالَ لَا قَالَ فقررهم في منصبهم فَفعل السُّلْطَان ذَلِك ثمَّ اتفقت قَضِيَّة أُخْرَى وهي أَن السُّلْطَان الْمَذْكُور سَافر الى بعض مدنه وَصَاحب التَّرْجَمَة مَعَه فاتفق أَنه رأى أربعمائة رجل في الطَّرِيق مشدودين بالحبال فَسَأَلَ عَن حَالهم فَقَالُوا

الصفحة 431