كتاب البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع (اسم الجزء: 1)

يمِيل إليه ويؤثره لما لَدَيْهِ من الْفَضَائِل ثمَّ انحرف عَنهُ قَلِيلا ثمَّ عَاد لَهُ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ وعزم قبل مَوته على تَفْوِيض الوزارة اليه فَمَاتَ وبويع مَوْلَانَا خَليفَة الْعَصْر الْمَنْصُور بِاللَّه حفظه اله فولاه بندر المخا وَهُوَ أكبر ولَايَة فى القطراليمنى وبقي هُنَالك نَحْو خمس سِنِين وشكر النَّاس ولَايَته وَحسن تَدْبيره وَهُوَ مَعَ ذَلِك مورد لأهل الْعلم والفضائل وَيَأْخُذ عَن كل من رأى لَدَيْهِ علماً لَا يعرفهُ ويستفيده في أسرع مُدَّة ثمَّ عَاد من المخا إِلَى صنعاء وَقد جمع دنيا عريضة وَكَانَ يتَّصل بالخليفة حفظه الله في كثير من الْأَوْقَات فحسده جمَاعَة من الوزراء فأبعدوه ثمَّ بعد أَيَّام فوّض إِلَيْهِ مَوْلَانَا الإمام وساطة بعض مداين الْيمن والمشارفة على بعض أملاكه فَصَارَ من جملَة الوزراء وَاجْتمعت بِهِ فِي مقَام مَوْلَانَا الْخَلِيفَة مَرَّات عديدة وَكَانَ يذاكر هُنَالك بمسائل مفيدة وسألنى بمسائل أجبْت عَلَيْهَا برسائل هي مَوْجُودَة فِي مَجْمُوع رسائلي وَآخر مَا سَأَلَني عَنهُ قبل مَوته عَن كَلَام المفترين فِي قَوْله تَعَالَى {وَالْقَمَر قدرناه منَازِل} وَأورد فى السُّؤَال اعترضات على الزمخشري والسعد وأجبت عَنهُ برسالة سميتها جَوَاب السَّائِل عَن تَفْسِير تَقْدِير الْقَمَر منَازِل وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ متفرد بمواد كِتَابَة الإنشاء وَمَا يحْتَاج إليه من عُلُوم الأدب وَغَيرهَا مَعَ جودة النّظم والنثر الى غَايَة والاقتدار من ذَلِك على مالم يقتدر عَلَيْهِ غَيره ولعمري أَنه يفضل كثيراً من الافاضل الْمُتَقَدِّمين المتفردين بالبلاغة لمَاله من دقة الذِّهْن وممارسة الْعُلُوم الدقيقة وَحسن الْخط على حد يقصر عَنهُ الْوَصْف وَالْقُدْرَة على اخراج كثير من الصَّنَائِع من الْقُوَّة إلى الْفِعْل وَله من ذَلِك مَا ينبهر لَهُ من يعرف الْحَقِيقَة وسأذكر من أَدِلَّة تفرده وَصدق مَا شرحته فِي حَقه مَالا

الصفحة 447