كتاب البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع (اسم الجزء: 1)

228 - علي بن قَاسم حَنش
ولد فِي شهر محرم سنة 1143 ثَلَاث وَأَرْبَعين وَمِائَة وألف وَنَشَأ بوطنه ذيبين ثمَّ ارتحل إلى كوكبان وَقَرَأَ على علمائها ثمَّ وصل إلى صنعاء وأخذ عَن أَهلهَا وَتردد في الديار اليمنية حَتَّى عرف أَكْثَرهَا أَو كلهَا واختبر بِأَهْلِهَا خاصتهم وعامتهم وَحج وَعَاد وَوصل إلى صنعاء فاتصل بالإمام المهدي الْعَبَّاس بن الْحُسَيْن فقرّبه وَأَدْنَاهُ وجالسه وَشرع في ترشيحه للوزارة لما رأى من تأهله لذَلِك مَعَ فَصَاحَته ورجاحة عقله واختباره بِالنَّاسِ ومعرفته بطبقاتهم وَحفظه لأخبارهم وامتناعه فِي جَمِيع ذَلِك وَحسن محاضرته وذلاقة لِسَانه وفرط ذكائه فحسده جمَاعَة من الوزراء فأغروا بِهِ الإمام حَتَّى أبعده عَنهُ وَحبس دهراً طَويلا ثمَّ أفرج عَنهُ وَسكن صنعاء وَهُوَ من نَوَادِر الدَّهْر فِي جَمِيع أَوْصَافه لَا يخفى عَلَيْهِ من أَحْوَال أَبنَاء دهره خافية وَلَا يسمع مُتَكَلم يتَكَلَّم في علم أَو أدب أَو تَارِيخ من تقدم أَو تَأَخّر إلا ويجري مَعَه ويحكي مثل حكايته وَله في الْعلم حَظّ وافر وَفِي الأدب سهم قامر وَفِيه كرم مفرط يجود بموجوده مَعَ قلَّة ذَات يَده وَقد يتَصَدَّق في بعض أوقاته بثيابه وَلَا يمسك شَيْئا وَقد كَانَ يصل اليه عِنْد اتِّصَاله بالامام المهدى شئ وَاسع فينفقه وَلَا يدخر مِنْهُ شَيْئا وَهُوَ من رجال الدَّهْر قد حنكته التجارب وحلب الدَّهْر أشطره ومارس مالم يمارسه غَيره من مَحْبُوب ومكروه وصديق وعدو وَشدَّة ورخاء وَهُوَ أسْرع النَّاس جَوَابا في كل مَا يرد عَلَيْهِ لَا يعجم وَلَا يتلعثم وَلَا يَعْتَرِيه خور وَكَثِيرًا مَا يتفرس فِي الْحَوَادِث قبيل وُقُوعهَا فيتفق وُقُوعهَا فى الْغَالِب كَمَا يحدس وَله اتِّصَال باكابر النَّاس واصاغرهم قد اسْتَوَت لَدَيْهِ طبقاتهم كَمَا اسْتَوَت لَدَيْهِ الشدَّة والرخاء والاقبال

الصفحة 472