كتاب البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع (اسم الجزء: 1)

والإدبار والمحبوب وَالْمَكْرُوه قد رأى نَفسه أميراً كَمَا رأها فَقِيرا ورأها تَارَة فى اليفاع وَتارَة في أَخفض الْبِقَاع وَهُوَ الْآن في الْحَيَاة قد جَاوز السّبْعين وَلم يفتر نشاطه وَلَا خف ضَبطه وَلَا تكدرت أخلاقه وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ قَلِيل النظير في مَجْمُوعه وَمن محَاسِن كَلَامه الذي سمعته مِنْهُ النَّاس على طَبَقَات ثَلَاث فالطبقة الْعَالِيَة الْعلمَاء الأكابر وهم يعْرفُونَ الْحق وَالْبَاطِل وإن اخْتلفُوا لم ينشأ عَن اخْتلَافهمْ الْفِتَن لعلمهم بِمَا عِنْد بَعضهم بَعْضًا والطبقة السافلة عَامَّة على الْفطْرَة لَا ينفرون عَن الْحق وهم أَتبَاع من يقتدون بِهِ إن كَانَ محقاً كَانُوا مثله وإن كَانَ مُبْطلًا كَانُوا كَذَلِك والطبقة المتوسطة هي منشأ الشَّرّ وَاصل الْفِتَن الناشئة في الدَّين وهم الَّذين لم يمعنوا في الْعلم حَتَّى يرتقوا إلى رُتْبَة الطَّبَقَة الأولى وَلَا تَرَكُوهُ حَتَّى يَكُونُوا من أهل الطَّبَقَة السافلة فإنهم إذا رَأَوْا أحداً من أهل الطَّبَقَة الْعليا يَقُول مَالا يعرفونه مِمَّا يُخَالف عقائدهم الَّتِى أوقعهم فِيهَا الْقُصُور فوقوا اليه سِهَام الترقيع ونسبوه إلى كل قَول شنيع وغيّروا فطر أهل الطَّبَقَة السُّفْلى عَن قبُول الْحق بتمويهات بَاطِلَة فَعِنْدَ ذَلِك تقوم الْفِتَن الدِّينِيَّة على سَاق هَذَا معنى كَلَامه الذي سمعناه مِنْهُ وَقد صدق فإنّ من تَأمل ذَلِك وجده كَذَلِك ثمَّ مَاتَ رَحمَه الله تَعَالَى فِي شهر محرم سنة 1219 تسع عشرَة وَمِائَتَيْنِ وَألف وَقد كَانَ اشْتغل بتاريخ دولة الإمام المهدي الْعَبَّاس بن الْمَنْصُور فأملى حوادثها من حفظه بِمَا يتعجب مِنْهُ ثمَّ شرع فِي تَارِيخ وَلَده مَوْلَانَا إمام الْعَصْر حفظه الله فَمَاتَ بعد الشُّرُوع فِي ذَلِك
229 - علي بن قَاسم السنحاني
بِالْمُهْمَلَةِ وَالنُّون بعْدهَا نِسْبَة إلى بِلَاد سنحان اسْم لقبيلة قريبَة

الصفحة 473