كتاب البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع (اسم الجزء: 1)

وَكَانَ زاهداً متقللاً من الدُّنْيَا مواظباً على الطَّاعَات آمراً بِالْمَعْرُوفِ ناهياً عَن الْمُنكر يغْضب إِذا بلغه مَا يُخَالف الشَّرْع وَفِيه سَلامَة صدر زَائِدَة قَرَأت عَلَيْهِ في الأزهار وَشَرحه مرَّتَيْنِ وفي الْفَرَائِض وَشَرحهَا للناظري مَرَّات وَكَانَ مواظباً على التدريس لَا يمنعهُ مِنْهُ مَانع فإنه يَقع الْمَطَر الْعَظِيم الَّذِي يمْنَع من خُرُوج من هُوَ في سن الشَّبَاب فَلَا يكون ذَلِك عذراً لَدَى صَاحب التَّرْجَمَة لرغبته فِي الْخَيْر وحرصه على إفادة الطّلبَة وَلَقَد اسْتمرّ انصباب الْمَطَر في بعض السنين من قبل الْفجْر إلى قريب وَقت الظّهْر وَكَانَ مَعنا درس عَلَيْهِ وَقت الشروق فَمَا تركت الذهاب إلى الْجَامِع لعلمي بَان مثل ذَلِك لَا يمنعهُ مَعَ علو سنه فانتظرت لَهُ فِي الْمَكَان الْمعد للدرس فَلم يأت هُوَ وَلَا أحد من الطّلبَة وهم كَثِيرُونَ فجَاء الْيَوْم الثاني وَقَالَ لي هَل أتيت إلى هُنَا قلت نعم قَالَ لَو علمت أَنَّك أتيت مَا اخْتلفت ثمَّ تأسف كثيرا على فَوت الدَّرْس وَمَا زَالَ كَذَلِك حَتَّى مَاتَ في شهر رَجَب أَو شعْبَان سنة 1197 سبع وَتِسْعين وَمِائَة وَألف وَلَعَلَّه قد جَاوز السّبْعين ورثيته بِأَبْيَات غَابَتْ عَنى وَذكرت فِيهَا تَارِيخ مَوته وَهُوَ حط بجنات الخلود أَحْمد رَحمَه الله وإياي
(40) أَحْمد بن عبد الْحَلِيم بن عبد السَّلَام بن عبد الله بن الْقَاسِم بن تَيْمِية
الحرّاني الدمشقي الحنبلي تقي الدَّين أَبُو الْعَبَّاس شيخ الإسلام إمام الْأَئِمَّة الْمُجْتَهد الْمُطلق ولد سنة 661 إحدى وَسِتِّينَ وسِتمِائَة وتحول بِهِ أَبوهُ من حران سنة 667 سبع وَسِتِّينَ وسِتمِائَة فَسمع من ابْن عبد الدايم وَالقَاسِم الأريلى وَالْمُسلم ابْن عَلان وَابْن أَبى نمر وَالْفَخْر وَمن آخَرين قَالَ ابْن حجر فِي الدُّرَر وَقَرَأَ بِنَفسِهِ وَنسخ سنَن

الصفحة 63