كتاب البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع (اسم الجزء: 1)

(قَاض إِذا جِئْته يَوْمًا لقِيت بِهِ ... كل الأفاضل من عرب وَمن عجم)
(يخْشَى الْخُصُوم ارتعاداً من مهابته ... حَتَّى كَأَن بهم ضرب من اللمم)
(لِأَن مَا أضمروه فِي فراسته ... من حسن إيمَانه نَار على علم)
(كم من أَلد بِلَا مَا زَالَ مُلْتَزما ... من خَوفه عادلاً عَنْهَا إِلَى نعم)
(فالمبتغون لغير الْحق في نقم ... مِنْهُ وكل محق مِنْهُ في نعم)
(صحبته زمن التدريس مقتطفاً ... من روض أملاه نور الحكم وَالْحكم)
(فَكَانَ براً رؤوفا بى ومغتفرا ... لزلتي لم يعاتبني وَلم يلم)
(أرَاهُ إِن طَال قولي فِي بشاعته ... كَأَنَّهُ عَن كلامي الغث فى صمم)
(وغبت عَنهُ زَمَانا واتصلت بِهِ ... فِي رُتْبَة هُوَ فِيهَا صَاحب الْعلم)
(قاضي قُضَاة أَمِير الْمُؤمنِينَ على ... يَمِينه قَاعِدا فِي الصَّدْر لم يقم)
(فَقَامَ تَعْظِيمه فِي صدر كلّ فَتى ... مُسلم للأكف الطُّهْر مستلم)
(وشاع تَعْظِيمه في النَّاس ثمَّ غَدا ... عِنْد الْجَنِين كرأي الْعين فِي الرَّحِم)
(وَمثل ذَاك أعادي تواتره ... ... فِينَا وفي الْغَيْر من مُسْتَقْبل الْأُمَم)
(فَمَا تغير شئ كنت أعهده ... قبل التصدر في القاضي من الشيم)
(كأنه للندامى من تواضعه ... على جلالته من أَصْغَر الخدم)
(فَقَامَ ذَاك دَلِيلا أَن همته ... من فَوق ذَاك الَّذِي يعْطى ذَوُو الهمم)
(وَلَو أحلّ الْفَتى فِي النَّاس رتبته ... دهراً لأصبح ربّ السَّيْف والقلم)
(مملّكاً كلّ إقليم وناصية ... عمّاله فِي نواحي مصر وَالْحرم)
(يامن يرى أَن نظمي قد قضيت بِهِ ... حق المديح فقد أَخْطَأت فاستقم)
(لَيست مبالغتي فِيهِ مُبَالغَة ... وَلَا الغلو غلوا يَا أَخا الهمم)
(وَلَو أتيت بأنواع البديع لما ... قضيت حَقًا وَكَانَ الْعَجز ملتزمي)

الصفحة 84