كتاب جمع الجوامع المعروف بـ «الجامع الكبير» (اسم الجزء: 1)

ولكنه مرجع يثير في نفوس الباحثين التمنى! أن لو كان أوسع وأعم وأشمل. أي أنه يثير في نفوس الباحثين التمنى والأمل في وجود المرجع الوافى في هذا الباب.
والمرجع الكافي هو الجامع الكبير: أمل كل باحث، وطلبة كل مستبصر.
وما من شك في أن كثيرًا من الناس لا يتسم بصفة الباحث الأصيل، ولا يفهم المعنى الصحيح لكيفية البحث، أو تيسير البحث، أو شروط المراجع، فينتقد عمل الإمام السيوطي في كتاب الجامع الكبير، أو كتاب الجامع الصغير:
لأنه لم يلتزم الصحة في ما روى من أحاديث.
وهذا النقد ليس له دلالة، إلا ضيق الأفق عند الناقد. فإن الإِمام السيوطي أراد سجلا يجمع ما نشر بالفعل، لقد أراد سجلا يجمع شتات الموجود؛ حتى ييسر للباحثين النقد والتمحيص والتحقيق والبحث، إنه لم يخترع شيئًا لم يكن موجودا، وإنما جمع الموجود، وبين في الأغلب الأعم درجته، وبين في كل الأحوال مصدره.
ولقد عانت الأمة قديما، وإنها لتعانى حديثًا من ضيق الأفق، ومن سطحية التفكير التي يعلنها بعض الناس على أنها غيرة على الدين، ويتحمسون لها، على أنها تحمس لدين الله وهي لا تعدو أن تكون سطحية ساذجة، وضيق أفق لم يعرفه أسلافنا رضوان الله عليهم.
لقد اعتمد أسلافنا منهج الرواية أولًا:
ثم بينوا عن طريق هذا المنهج نفسه الصحيح، والحسن، والضعيف، والموضوع وكتبوا في كل ذلك، ولقد ساهم الإِمام السيوطي - رضي الله عنه -، بقسط وافر في هذا المجال وكتابه (اللآلئ المصنوعة) أشهر من أن نتحدث عنه، ولم يكتف أسلافنا ببيان الموضوع والضعيف والحسن والصحيح، وإنما اتخذوا قواعد عامة منها - مثلًا - أن القرآن الكريم، وعمل الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وعمل الصحابة، كل ذلك مهيمن كمقياس للصحة والبطلان.

الصفحة 22