كتاب جمع الجوامع المعروف بـ «الجامع الكبير» (اسم الجزء: 1)

10/ 10 - "آخر رجُلٍ يتَقلبُ على الصِّراطِ ظهرًا لِبطنٍ كالغُلام يَضْرِبهُ أبوهُ وفوَ يَفِرُّ مِنْهَ يَعْجِزُ عنهُ عَمَلُه أنْ يَسعى (¬1) فيقولُ: يا ربَّ بَلِّغ بى الجنةَ ونَجِّنى من النار، فَيُوحى اللهُ إليهِ: عَبْدِى إِنْ أنا نَجَّيْتُكَ منَ النارِ وأدْخلتُك الجنةَ أَتَعْتَرفُ لى بِذُنوبِك وخَطاياكَ؟ فيقولُ العبدُ: نعمْ يا ربَّ وَعِزَّتك وجَلالِك لئن نَجَّيْتَنِى من النارِ لأَعْتَرِفَنَّ لكَ بِذُنوبى وخطاياىَ، فيجوزُ الجِسرَ ويقولُ العبدُ فيما بينَه وبين نَفْسِهِ لئن اعترفتُ لهُ بِذُنوبى وخَطايَاى لَيَرُدُّنى إلى النار (¬2) فيوُحِى اللهُ إليهِ: عَبْدى اعْتَرِفْ لِى بِذُنُوبِك وَخطَايَاكَ أَغفرْهَا لكَ وأُدْخِلْك الجنَّةَ، فيقولُ العبدُ: وَعِزَّتكَ وَجَلالِكَ مَا أَذنَبْتُ ذَنْبًا قَطُّ، ولا أخطأتُ خطيئةً قطُّ، فَيُوحِى اللهُ إليه: عَبْدى إِنَّ لِى عليك بيِّنةً فَيَلتَفِتُ العبدُ يمينًا وشِمالًا فلا يَرى أحدًا ممّن كان شهِدَهُ في الدُّنيا، فيقولُ: يا ربَّ أَرِنِى بيَّنَتَكَ، فَيَسْتَنطِقُ اللهُ تعالى جِلْدَه بالْمحَقَّرات (¬3) فإذا رَأى ذلِك العبدُ يقولُ: يا ربَّ عِنْدِى - وَعزَّتِك وجلالِك - العظائمُ المُضْمَرَاتُ (¬4) فَيُوحى اللهُ إليهِ: أنا أعرَفُ بها منك، اعترِفْ لى بها أغفرْها لك، وأدخْلك الجنَّةَ، فيعترفُ العبدُ بِذُنوبِه فيدخلُ الجنةَ، هذا أدنى أهلِ الجنة منزلةً فكيف بالذى فوقَه؟ !
الحكيم، طب عن أبى أمامة وَحُسِّن (¬5).
11/ 11 - "آخِرُ منْ يخَرجُ منَ النارِ رجلانِ، يقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ لأحدِهما: يا ابنَ آدمَ. ما أعددت لهذا اليومِ؟ هل عملتَ خيرًا قطُّ؟ هل رَجَوْتنِى؟ فيقولُ: لا يَا ربَّ فيُؤْمَرُ به إلى النارِ، فهو أشدُّ أهلِ النارِ حسرةً (¬6) ويقول لِلآخرِ: يا ابْنَ آدمَ. ما أعددتَ لهذا اليوم؟ هل عمِلتَ خيرًا قطُّ ورَجوتَنى؟ فيقولُ: لا يا ربِّ إلَّا أَنَّى كُنتُ أرجوك، فَتُرْفَعُ له شجرةٌ فيقولُ: أىْ ربِّ قَرِّنِى (¬7) تحتَ هذه الشَّجرةِ فأستظلَّ بظلِّها وآكلَ من
¬__________
(¬1) يشير إلى أن السعى على الصراط يكون بسبب العمل.
(¬2) فيه أن العبد العاصى تغلبه نفسه في الآخرة كما كانت تغلبه في الدنيا فيحاول الإنكار والكذب.
(¬3) المحقرات: الصغائر وهذا مصداق لقوله تعالى {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ} الآية 24 من سورة النور.
(¬4) العظائم: الكبائر، والمضمرات: المخفيات في أسرار الضمائر.
(¬5) قال في مجمع الزوائد: رواه الطبرانى وفيه من لم أعرفهم، وضعفاء فيهم توثيق لين.
(¬6) إن الله تعالى يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان، ويكون المعنى أشد أهل النار من المؤمنين حسرة ويفضله الثانى برجائه.
(¬7) قرنى من قر وتعدى بالتضعيف والأصل قررنى وخفف.

الصفحة 49