كتاب المقدمات الممهدات (اسم الجزء: 1)

النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للزوج بعد تمام اللعان: «لا سبيل لك إليها؛» لأن ظاهره التأبيد إذ لم يقيد ذلك بشرط يحلها له به "؛ لأن التحريم إذا أطلق من غير تقييد محمول على التأبيد. ألا ترى أن المطلقة ثلاثا لولا قول الله عز وجل فيها {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230]، لم تحل له أبدا بظاهر قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ} [البقرة: 230].

فصل
فإذا قلنا: إنه فسخ وليس بطلاق فيلزم على هذا إذا لاعنها قبل الدخول لا يكون لها شيء من الصداق لا نصف ولا غيره، وكذلك في كتاب ابن الجلاب، وهو خلال قول مالك في موطئه وخلاف ما في المدونة. ووجه هذا أنا لا نعلم صدق الزوج فلعل الولد منه، وإنما أراد طلاقها وتحريمها باللعان للأبد لئلا يكون عليه صداق. فلما اتهم في ذلك ألزم نصف الصداق. وقد وقع في كتاب ابن الجلاب في الذي يشتري زوجته قبل البناء أنه يجب لها عليه نصف الصداق، وهو خلاف المعروف في المذهب، وقوله في المدونة: إن الملاعنة لا متعة لها صحيح على هذا التعليل، فتعليل سقوط المتعة في اللعان بأنه فسخ وإن الله لم يوجبها إلا على المطلقين أصح من العلة التي عللها في المدونة.

فصل
وبتمام اللعان تقع الفرقة بين الزوجين وإن لم يفرق الإمام بينهما. وهذا موضع اختلف فيه أهل العلم اختلافا كثيرا. فمذهب مالك ما ذكرناه، وقال الشافعي: إن الفرقة تقع بتمام لعان الزوج ولا تحل له أبدا. وقال أبو حنيفة وبعض أصحابه: إن الفرقة لا تقع بين الزوجين حتى يفرق الإمام بينهما، فإذا فرق الإمام بينهما لم تحل له حتى يكذب نفسه، فإن كذب نفسه جلد الحد وكان خاطبا من الخطاب. وقيل: إنه إن أكذب نفسه جلد الحد وردت إليه امرأته. وقيل: اللعان

الصفحة 638