كتاب قادة فتح الأندلس (اسم الجزء: 1)

مدينة في أمريكا - بقبائل الاسكيمو، وذلك عجب عجيب. قال ستانلي لين بول في شأن النصارى الذين كانوا قد استولوا على شمال إسبانيا في حينه: "كانت غزوات النصارى لعنة عظيمة على مَن يكون لهم فريسة. وكانوا خشنين جاهلين أميين لا يقدر على القراءة منهم إلاّ قليل جداً. ولم يكن لهم من الأخلاق إلاّ مثل ما لهم من المعارف - يعني لم يكن لهم منها شىء - وأما تعصبهم وقسوتهم، فهو ما يمكن أن تتوقعه من الهمج البرابرة".
ثم قابل بعد ذلك بين الممثلين لنظام الفروسية في القرون الوسطى - يعني أشراف إسبانيا - وبين العرب (ص 189)، فقال: "اتصف النصارى في شمالي إسبانيا بأقصى ما يمكن من مضادة أقرانهم العرب. جاء العرب تلك البلاد، وهم عشائر بدو جفاة، ثم رقّت طباعهم إلى أن صاروا شعباً عالي الكعب في التمدن، يستلذون الشعر واللّطائف الأدبية. وقد وقفوا جهودهم لخدمة العلم واستقراء مسائله، وفوق ذلك كله قد عزموا على التمتع بلذات الحياة إلى أقصى حد ممكن. وأذواقهم العقلية كانت لطيفة فوق العادة وظريفة، فالموسيقى والخطابة ودرس المسائل العلمية بتعطش لا مزيد عليه، يظهر أنها كانت طبيعة غريزية لهذا الشعب الزاهر. وكانت لهم سجيّة معرفة النقد والولع بالمجاز والاستعارات الجميلة وتقديرها على النحو الذي ننسبه اليوم إلى الأمة الفرنسية. أما نصارى الشمال فكانوا بضدّ ذلك على أقصى ما يتصور، فكانوا جفاة غير مهذبين. ولم تكن آداب نظام الفروسية التي أدخلها المصنِّفون في تاريخهم، لتخطر لهم ببال. وفقرهم الشديد جعلهم خدماً لكل مَن يريد استخدامهم، وكانوا يبيعون شجاعتهم لكل مَن يدفع لهم أغلى ثمن لها، فكانوا يحاربون لتحصيل القوت".
ثم أرانا - يعني سكوت - أن "سِد" (1)، الذي لا يزال حتى اليوم زينة لكتب
_______
(1) Cid، يقال إنه ولد سنة 1040 وطار صيته في الحرب التي وقعت بين أمير قشتالة شانسوورينس نفار وأبي عبد الله ملك غرناطة، وكان تارة مع النصارى وتارة مع المسلمين.

الصفحة 183