كتاب قادة فتح الأندلس (اسم الجزء: 1)

فرديناند (1) وملكتها إيزابيلا (2) عديمي شهامة وعظمة كشهامة العرب المسلمين وعظمتهم فقط، بل لم يكن لهما شيء من المروءة العامة والحياء. أغار هذا الملك على أموال العرب المسلمين، فنهبها وتركهم يموتون جوعاً، وبذلك قهرهم وألجأهم إلى التسليم. حتى المسيحية الليدي تشارلتون بونج، رقّ قلبها لما أصاب العرب المسلمين، فقالت في ص: (190) من كتابها تذكر العهود والمواثيق التي أعطاها الإسبانيون للعرب المسلمين والشروط التي اشترطها العرب المسلمون عليهم ما نصّه: "تكون غرناطة حرماً آمناً لكلّ من يلتجئ إليها من المسلمين من جميع الأقطار، ويكون لأبي عبد الملك (الملك) ضيعة في أرض البشرَّات (البوجارا)، وأنّ جميع السكان حتى الذين أسلموا من النصارى يكونون آمنين على أنفسهم وأموالهم وبيوتهم وسلاحهم
_______
(1) فرديناند الخامس ( Ferdinand) ملك قشتالة وليون (1452 - 1516 م) تزوج بابنة عمه ايزابيلا سنة 1459 م، وكانت ابنة الملك هنري الرابع، وإنما تزوج بها ليتخذ ذلك وسيلة إلى نيل الملك بلا مشقة. ولما مات الملك المذكور اجتهد فرديناند أن ينادي بنفسه ملكاً، ولكن ايزابيلا كانت داهية مكارة، فرأى فرديناند أنّه لا يتمكّن من إخضاعها، فاتفق معها على أن يتشاركا في الحكم، وكانت أخلاقه سيئة، يدل على ذلك أعماله الرذيلة التي ملأ بها حياته، وكان يفخر أنّه خدع لويس الثاني عثر ملك فرنسة اثنتي عشر مرة. كما نقض عهده الذي أعطاه إلى كريستوف كولومبوس. ومن المحقق أنّه كان كلما عقد معاهدة مع أي شخص كان يترك فيها ألفاظاً يمكنه أن يتّخذها وسيلة لنقض العهد. وكان يضطهد العلماء الذين لا يوافقونه، ويغتالهم، (أنظر جوزف ماك جب - حضارة العرب في الأندلس ص: 68).
(2) إيزابيلا ( Isabella) 1415-1504) ملكة قشتالة، استولت على الملك سنة 1474 م، داهية مكّارة متعصبة، بذلت جهدها في تجديد المحنة. وتعذيب المسلمين، وارتكبت خطايا كثيرة باسم الدين. وأما أحوالها الخاصة فلا تغبط عليها، لأنها كانت تفخر بأنها لم تغتسل في حياتها إلاّ مرتين: يوم ولادتها سنة 1415 م، وليلة عرسها سنة 1459 م، وغُسِّلت حين ماتت سنة 1504 م، فتمت لها الغسلة الثالثة، والحقيقة أنها لم تغتسل بإرادتها إلاّ مرة واحدة، وهي في ليلة عرسها، لأنّ غسلها يوم ولادتها وغسلها يوم وفاتها ليس من عملها. أنظر جوزف ماك جب - حضارة العرب في الأندلس (69).

الصفحة 210