كتاب قادة فتح الأندلس (اسم الجزء: 1)

من سيبيريا شمالاً إلى فرنسا غرباً، إلى الصين شرقاً، إلى المحيط جنوباً.
كانوا ضعفاء فأصبحوا بالإسلام أقوياء، وكانوا أعداء فأصبحوا إخوة، وكانوا مستعبدين فأصبحوا فاتحين.
ثم خلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة، واتبعوا الشهوات، فأصبحوا مستعمَرين مستعبدين، أذلاء غثاء كغثاء السيل، والله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
أصبح هؤلاء الخلف يستوردون المبادئ من الشرق والغرب، مبهورين متخاذلين، وأصبحوا يتعشقون تراث الأجنبي، ويحتقرون تراثهم، ويتدارسون تاريخ أعدائهم، ويتركون تاريخهم وراءهم ظهريًّا، حتى أصبحنا نسمع بعض العرب المسلمين يقولون ويكتبون ويذيعون علناً باسم الثقافة وباسم التحرر ما لم يستطع أن يقوله أو يكتبه أو يذيعه المبشرون وأعداء الإسلام.
وإذا كان أكثر المستشرقين قد بذلوا قصارى جهدهم لتعميق آثار الاستعمار الفكري بين العرب والمسلمين، فما عذر المستغربين من العرب المسلمين.
إن الدعوة التي تبناها المبشرون وعملاء الاستعمار وأذنابهم في إبعاد الدين الإسلامي عن الحياة دعوة مريبة، هدفها إبعاد العرب عن الناحية المعنوية في حياتهم، فالعرب جسم والإسلام روحه، ولا بقاء للجسم بدون روح.
والدعوة التي تبناها هؤلاء لاستعمال العامية بدل العربية الفصحى دعوة مريبة، هدفها أن يجعلوا من الأمة العربية أمماً، ومن الشعب العربي شعوباً؛ لأن اللغة العربية لغة القرآن الكريم، ولغة الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولغة قادة الفتح وجنوده، ولغة الفكر وجنوده.
والدعوة التي تبناها هؤلاء لإشاعة الفاحشة والتخنث في العرب خلافاً لعقيدتهم وتقاليدهم، دعوة مريبة، لا تخدم غير الاستعمار، وأعداء العرب،

الصفحة 23