كتاب قادة فتح الأندلس (اسم الجزء: 1)

وأثار ألمي حين حكى لي أمر بعض دور النشر التي ابتُلِي بها -وفيها من يدَّعي الإسلام وخدمة الكتاب الإسلامي-. حكى وبأسلوب مؤثر محزن كيف أن هذه الدور التي تعاقدت معه ولطبعة واحدة، تطبع كتبه مرة بعد مرة دون إذنه أو علمه!! تنشرها وتستثمرها وتأكل ثمنها مالاً حراماً، ولا تدفع درهماً واحداً لمن واصل الليل والنهار في تأليفها، وأراق ماء عيونه على صفحاتها، ودفع عشرات الألوف ثمن مراجعها. وزهد بالمنصب الرفيع، والوزارة الكريمة (1)، وتفرغ تفرغاً كاملاً، وانقطع عن دنيا الناس، من أجل أن يكتب لهم، ولأجيالهم القادمة، تاريخ الإسلام، وتاريخ فتوحه، وتاريخ حضارته، وتاريخ قادته بأسلوب جديد ومتميِّز ومتخصِّص، مستثمراً علومه العسكرية التي تلقاها في أرقى الكليات والأكاديميات العسكرية.
كان الأولى بهذه الدور أن يعينوه على تفرغه وأداء رسالته وهم يعلمون بالتأكيد أنه يعيش على راتب (2) تقاعدي قليل، ويعول أسراً فقيرة كثيرة -كما صرح لي بذلك- وعددها 16 أسرة.
ووالله لقد سمعته يدعو على دور النشر هذه؛ يدعو عليهم بقلب محروق ونفس شاكية إلى ربها ظلم الأدعياء وعدوان اللصوص.
وشرفني يومها بتفويضي الكامل بنشر إنتاجه العلمي، وحمَّلني ما لديه من مخطوطات وكتب، يود تجديد نشرها، وأعطاني حق توقيع العقود مع دور
_______
(1) أقول الوزارة الكريمة لأنها عرضت عليه بتكريم وإلحاح من محبيه وعارفي فضله. ولم يسبق له أن طلبها أو استشرفها في الوقت الذي تندق لها أعناق المنافقين والمستوزرين.
(2) راتبه الشهري الآن 500 ديناراً عراقياً أي ربع دولار فقط، وهو راتب أسرته بعد وفاته كما حكت لي زوجته عام 1998 م.

الصفحة 42