كتاب قادة فتح الأندلس (اسم الجزء: 1)

رئيسها (1)، ولا نعرف متى اعتنق طريف مذهب الخوارج هل كان قبل نهاية القرن الأول الهجري، أم بعد نهايته في بداية القرن الهجري، ومن المرجح أن يكون في بداية القرن الثاني، لأن نهاية القرن الأول، كان بالنسبة للبربر ومنهم طريف، مليئاً بالأحداث الجسام، وعلى رأسها فتوح الأندلس، وما أعقبها من ترصين الفتوح، وتوطيد أقدام الفاتحين، وترسيخ جذور الفتوح والفاتحين. أما بداية القرن الثاني الهجري، فقد أصبح البربر أكثر تفرغاً، وبدا التناقض بينهم وبين العرب يطفو على السطح، فكان لا بد من أن يملأوا فراغهم بعمل ما، فكان هذا العمل تلك الثورة العارمة للبربر على العرب.
وبعد القضاء على ثورة ميسرة ومَن كان معه من الخوارج الصُّفريّة سنة أربع وعشرين ومائة الهجرية (2) (741 م)، تفرق أصحابه في البلاد، فلجأ طريف إلى بلاد تامَسْنا على ساحل البحر المحيط بين مصبّي وادي سَلا وأم الربيع حيث تستقر قبيلة برغواطة البربرية، وهناك تزعم بربر المنطقة من برغواطة (3).
وكان طريف من جملة قواد ميسرة ومَن جاء بعده في ثورة الخوارج الصُّفرية بالمغرب (4)، فلما انتهت تلك الثورة بالإخفاق، حلّ طريف ببلاد تامَسْنا (منطقة مدينة الرباط الحالية، وما حولها)، فقدَّمه البربر على أنفسهم، فوُلِّي أمرهم، وكان على دين الإسلام. وبقي أميراً على البربر في تلك البلاد - ليس على برغواطة حسب - بل على جميع بربر تلك البلاد، حتى تُوفي. وترك أربعة أولاد، فَوَلِيَ الأمر بعده صالح بن طريف، وكان مولده سنة عشر ومائة الهجرية (728 م)، فتنبَّأ فيهم، وشرع لهم ديانة، وسمَّى نفسه: صالح المؤمنين، وعهد إلى ابنه إلياس بديانته، وأمره ألاّ يُظهر ذلك إلاّ إذا قوي أمره، وحينئذٍ يدعو إلى مذهبه، ويقتل مَن خالفه من قومه. وخرج صالح إلى
_______
(1) فتوح مصر والمغرب (254).
(2) البيان المغرب (1/ 56).
(3) البكري (138) والبيان المغرب (1/ 223).
(4) البيان المغرب (1/ 57).

الصفحة 423