كتاب قادة فتح الأندلس (اسم الجزء: 1)

المشرق، وزعم أنه يعود إليهم في دولة السابع من ملوكهم، وزعم أنه هو المهدي الأكبر الذى يخرج في آخر الزمان لقتال الدجّال، وأنه يملأ الأرض عدلاً كما مُلئت جوْراً، وتكلم لهم في ذلك بكلام كثير نسبه لموسى عليه السلام ولسَطيْح الكاهن (1) وغيره (2).
وقد كان ابتداء أمر صالح خلفاً لوالده طريف سنة أربع وعشرين ومائة الهجرية (3) (741 م)، أي في سنة عودة طريف من حرب الخوارج متعاوناً معهم وقائداً مرؤساً لهم في ثورتهم على الدولة، ويبدو أن طويفاً لم تطل مدّته رئيساً على تلك المنطقة من بلاد المغرب، فخلفه ابنه صالح الذي استغل شدّة جهل (4) البربر في تلك المنطقة النائية، فزعم لهم ما زعم، وصدَّقوا مزاعمه لجهلهم في حينه.
لقد كان طريف أبا ملوك برغواطة البربرية، وهو من ولد شمعون بن يعقوب بن إسحاق عليهم السلام (5)، ومن الواضح أن طريفاً لم يكن يعرف هذا النسب، ولم ينتسب إليه، وأن أولاده الذين حكموا البربر بصفة دينية منحرفة، هم الذين ادّعوا لأنفسهم هذا النسب، لإعطاء انحرافهم الديني مسحة النّسب إلى الأنبياء، قد يقنع البربر في جهلهم حينذاك، ولكنه لا يقنع البربر الذين كانوا على درجة من العلم بهذا الانحراف، لذلك اقتصر انحراف عَقِب طريف على برغواطة، فنُسب هذا الانحراف إلى قبائل الإقليم، فعرف بـ: زندَقة بَرْغَواطة (6).
_______
(1) أحد كهّان اليمن في الجاهلية، واسمه ربيع بن ربيعة، أنظر ابن الأثير (1/ 418 - 419).
(2) أنظر التفاصيل في البيان المغرب (1/ 223 - 224)، وانظر البكري (138) والاستبصار (198).
(3) البيان المغرب (1/ 57).
(4) البيان المغرب (1/ 57) والاستبصار (197).
(5) البيان المغرب (1/ 223)، واسحاق هو ابن إبراهيم عليه السلام.
(6) د. سعد زغلول عبد الحميد - تاريخ المغرب العربي - (417) دار المعارف بالقاهرة - =

الصفحة 424