كتاب قادة فتح الأندلس (اسم الجزء: 1)

وكان سبب انضمام طريف إلى الخوارج وثورتهم، هو انحراف بعض ولاة الدولة عن العدل ومبادئ الإسلام، فقد تولّى عُبَيْدَ الله بن الحَبْحَاب (1) إفريقية والمغرب كله لهشام بن عبد الملك بن مروان. واستخلف ابن الحبحاب على طنجة ابنه إسماعيل، وجعل معه عمر بن عبد الله المُرادِي (2).
وأساء عمر بن عبد الله المرادي السِّيرة، وتعدى في الصدقات والعُشُر، وأراد تخميس البربر، وزعم أنهم فَيْءٌ للمسلمين، وذلك ما لم يرتكبه عامل قبله، وإنما كان الولاة يُخَمِّسون مَن لم يُجِبْ للإسلام، فكان فعله الذميم هذا سبباً لنقض البلاد ووقوع الفتن العظيمة (3). فلما سمع البربر بذلك نقضوا الصلح على ابن الحبحاب، وتداعت عليه بأسرها مسلمها وكافرها، وعظم البلاء. وقدّم مَن بطنجة من البربر على أنفسهم مَيْسَرة السقّاء ثم المدغريّ، وكان خارجياً وصُفريّاً وسقّاء، وقصدوا طنجة، فقاتلهم عمر بن عبد الله فقتلوه، واستولوا على طنجة، وبايعوا مَيْسَرة بالخلافة، وخوطب بأمير المؤمنين (4)، وكثر جمعه بنواحي طنجة من البربر وقوي أمره، وكان ذلك سنة سبع عشرة ومائة الهجرية (5) (735 م).
والخوارج الصُّفرية، هم أتباع زياد بن الأصفر، وهم في آرائهم أقل تطرّفاً من الأزارقة وأشدّ من غيرهم (6). وقد خالفوا الأزارقة في مرتكب الكبيرة،
_______
= 1965 م.
(1) عبيد الله بن الحبحاب: مولى بني سلول، وكان رئيساً نبيلاً، وأميراً جليلاً، بارعاً في الفصاحة والخطابة، حافظاً لأيام العرب وأشعارها ووقائعها، أنظر البيان المغرب (1/ 51).
(2) ابن الأثير (5/ 191).
(3) البيان المغرب (1/ 51 - 52).
(4) يقصد بها: الإمامة، كما هو معروف عند الخوارج، وخاصة في ذلك الوقت المبكر.
(5) ابن الأثير (5/ 191).
(6) أنظر ما جاء عن المبادئ التي تجمع الخوارج كتاب: تاريخ المذاهب الإسلامية (1/ 75 - 78).

الصفحة 425