كتاب قادة فتح الأندلس (اسم الجزء: 1)

إلى الهزيمة، وتؤدي برجاله إلى النصر.
وكان على معرفة وثيقة بنفسيات وقابليات رجاله، فهو واحد منهم نسباً ومصيراً، وهو معهم في السراء والضراء وحين البأس، فكان يولي الرجل المناسب العمل المناسب، الذي يناسب نفسيته وقابليته، مما يؤدي إلى النجاح أو الامتياز بالنجاح.
وكان يثق برجاله، ويثقون به، ويسيرون تحت قيادته إلى الموت دون خوف، ثقة به، لأنه يؤثرهم بالأمن، ويستأثر دونهم بالخطر، ويحرص على أرواحهم أكثر مما يحرص على روحه، ولا يغرّر بهم في حال من الأحوال. وكان يثق برؤسائه، وكان رؤساؤه يثقون به، ولولا ثقة موسى به، لما ولاّه مثل هذا المنصب الخطير.
وكان يحب رجاله، وكان رجاله يحبونه، لأنه يتمتع بالمزايا التي تحبِّب الإنسان إلى الناس، كما كان موضع حب رؤسائه، وكان يبادلهم حباً بحب.
وكان ذا شخصية قوية نافذة، يؤثِّر في أتباعه بالمُثُل التي يؤمن بها ويحملها، فهو يعمل لهم أكثر مما يعمل لنفسه، ويحب لهم ما يحبه لنفسه، ولا يريد منهم غير ما يريده من نفسه ومن أهله، فهو ينصفهم قبل أن يطالبه أحد بالإنصاف.
وكان يتمتع بالقابلية البدنية المتميزة، فهو في ريعان الشباب، حين تولى منصبه القيادي، وقد بقي متمتعاً بالقابلية البدنية حتى في أيامه الأخيرة، والدليل: أنه بقي مقاتلاً رهيباً، لم يتخلّ عن سيفه، في يوم من الأيام.
وكان من ذوي الماضي الناصع المجيد، فهو من رؤساء البربر، كان رئيساً قبل أن يتولى القيادة، ثم رئيساً قائداً، فلما تخلّت عنه القيادة، بقي رئيساً لا ينازعه في رئاسته منازع.
وكان يطبق مبادئ الحرب بصورة تلقائية، وهذه المبادئ ثابتة في كل زمان ومكان، ولكن الأساليب الحربية هي التي تتبدّل باستمرار.
فقد كان يطبق مبدأ: اختيار المقصد وإدامته، وكان قائداً تعرّضياً، لم يتخذ

الصفحة 430