كتاب قادة فتح الأندلس (اسم الجزء: 1)

وكان للخلفاء في مختلف أمصار الدولة، مَن يُطلعهم على حقيقة الأوضاع فيها، إلى جانب الولاة والقادة، فلا يستطيع الولاة والقادة أن يُخفوا على الخلفاء شيئاً يهمّ الخلافة، وكان مغيث أحد هؤلاء الذين يثق بهم الخليفة، ويجب أن يطّلع على أمور الولاة والقادة والرعيّة عن طريقهم، فأوفده الوليد ليرافق الحملة الأندلسية، وينقل إليه أخبار الفتوح كما يجب أن تُنقل، لا كما يحب الولاة والقادة أن تُنقل، والفرق بين النّقلين كبير.
ودخل مغيث الأندلس مع طارق (1)، وكان على تماس شديد به، فهو مدير مخابرات الخلافة في الأندلس دون أن يكون واجبه مجهولاً من طارق بن زياد أو من موسى بن نصير، وبعد أن استقر طارق وموسى، في طليطلة، أرسل موسى وفداً إلى دمشق يتألف من مبعوثين هما: مغيث وعلي بن رباح اللّخْمِي وهو من التابعين (2)، لينقلا إلى الخليفة الوليد بن عبد الملك أخبار الفتح (3).
ولكن الوليد بن عبد الملك أعاد مغيثاً إلى الأندلس، وأمره أن يبلغ موسى بالخروج من الأندلس والكف عن التوسع في البلاد، وأن يشخص موسى إلى دمشق، فعاد مغيث إلى موسى بما أمره به الوليد.
ولم يصرف قدوم مغيث موسى عن المضي في إتمام خطته في الفتح، فلاطف مغيثاً وسأله إمهاله إلى أن ينفّذ عزمه في فتح جِلِّيقِيَّة، وأن يسير معه أياماً، ويكون شريكه في الأجر والغنيمة، ففعل مغيث ومشى مع موسى (4)، وقد وهب مغيثاً القصر الذي ينسب إلى مغيث في عهد المسلمين، وهو: (بلاط مغيث) بجميع أرضه من أرض الخُمُس (5)، وهو قصر حاكم قرطبة،
_______
(1) نفح الطيب (3/ 12).
(2) أنظر سيرته في: تاريخ علماء الأندلس (1/ 310) ورياض النفوس (1/ 77 - 78) ونفح الطيب (1/ 260 - 261).
(3) الإمامة والسياسة (2/ 75 - 76).
(4) نفح الطيب (1/ 258).
(5) الرسالة الشريفية في الأقطار الأندلسية (204).

الصفحة 444