كتاب قادة فتح الأندلس (اسم الجزء: 1)

بعده بسنة استأثر بمكانه، فكفلته جدته أم والده، فأثرت فيه أبلغ التأثير، فقد كانت امرأة صالحة متدينة ومن بيت رفيع التدين، تقضي أكثر ساعات الليل في تهجد وتسبيح، فإذا غلبها الخشوع أجهشت بالبكاء من خشية الله، كان يصحبها إلى المساجد وسماع المواعظ.
وهكذا نشأ الفقيد في بيت علم يُتلى فيه القرآن الكريم صباح مساء، وتُقام فيه الصلوات، ويحرص على الالتزام بالدين الحنيف، ويضم مكتبة عامرة بالمصادر المطبوعة والمخطوطة.
قرأ القرآن على يد أحد الشيوخ، وحفظ شطراً من كتاب الله، ثم أتم مراحل المدرسة الابتدائية والمتوسطة والثانوية في مدينة الموصل، وخلال سِنِيِّ هذه المراحل درس علوم اللغة والتفسير والحديث على أيدي شيوخ مدينة الموصل، وفي مساجدها العامرة بالحلقات العلمية، وخلال شهور العطلة الصيفية.
وكان من أشد ما أثر في تكوينه الثقافي والعلمي -وهو يافع السن- مجلس الحي الذي يحضره بمعية والده، حيث يلتقي خيار رجال العلم والقضاء لقص الأخبار، وقراءة كتب الفقه والحديث والتاريخ .. يقول - رحمه الله-: (لقد كنت ألازم مجلس والدي مع أني لم أتجاوز الصف السادس الابتدائي، فلقد وقع اختيار والدي عليّ لقراءة كتب التاريخ على الحضور الذين كان معظمهم من أهل العلم المتقنين للغة العربية، لذلك فقد كنت مضطراً للعناية بقواعد اللغة العربية وضبط الألفاظ، لكي لا أقع عرضة للانتقادات أو اللوم من والدي) (1) ولا شك أن حضوره مثل هذا المجلس العلمي بلور اتجاهه على
_______
(1) من رسالة التخرج لابنة المؤلف آمنة محمود شيت خطاب لنيل درجة البكالوريوس بإشراف الأستاذ الدكتور محمود رجب النعيمي -جامعة بغداد- كلية العلوم =

الصفحة 8