كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 1)

الأمر الثاني: أن في الحديث: «فليرقه، وليغسله سبع مرات»، والطعام لا تجوز إراقته؛ لحرمته، ولنهيه -عليه الصلاة والسلام- عن إضاعة المال.
قال في «المدونة»: ورآه عظيما أن يعمد إلى رزق من رزق الله، فيراق؛ لكلب ولغ فيه (¬1).
وروى عنه ابن وهب: أنه يؤكل الطعام، ويغسل الإناء (¬2).
ورجح القاضي عبد الوهاب، واللخمي: أن يغسل إناء الماء والطعام؛ لعموم الحديث.
والقول الأول أظهر عندنا؛ لأن قوله: «فليرقه» يقتضي تقييد النهي بإناء الماء.
فإن قيل: فقد ورد في بعض طرق الخبر الأمر بالغسل مطلقًا؟
قلنا: القاعدة الأصولية: أنه إذا ورد مطلق ومقيد في واقعة واحدة، قيد المطلق، وترك حكم المقيد، بلا خلاف.
قلت: قوله: بلا خلاف، ليس كذلك، بل الخلاف منقول شائع في كتب الأصول، نقله القاضي عبد الوهاب وغيره، وقد بينت ذلك في «شرح التنقيح»، أعان الله على إكماله (¬3).
¬__________
(¬1) انظر: «المدونة» (1/ 5).
(¬2) انظر: «التمهيد» لابن عبد البر (18/ 270).
(¬3) وقد بينت ذلك في «شرح التنقيح»، أعان الله على إكماله ليس في (ق).

الصفحة 107