كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 1)

والأخبار الصحيحة (¬1).
أما القرآن: فقوله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ} [المائدة: 6]، وهو كقوله تعالى: {فَاغْسِلُوا وُجُهَكُمْ} (¬2) [المائدة: 6]، وكقوله تعالى في التيمم: {فَامْسَحُوا بِوُجُهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} [المائدة: 6].
و (الباء) إما للإلصاق، أو للاستعانة، على معنى أن الأصل: وامسحوا رؤوسكم بالماء، فحذف الماء الذي هو الآلة؛ للعلم به، فدخلت الباء، التي هي في الأصل داخلة على الماء للاستعانة، على المفعول به.
فإن قلت: من معاني (الباء) التبعيض؟
قلت: هذا لا يصححه أهل اللغة، وقد قال ابن جني في «سر الصناعة» هذا لا يعرفه أصحابنا، يعني: البصريين (¬3)، ولو كانت (¬4) للتبعيض، لم يصح أن يقال: امسح برأسك كله، ولا أن يقال: امسح ببعض رأسك.
فإن قلت: يصح أن يقال: مسح رأس (¬5) اليتيم، أو قَبَّلَ رأسه أو
¬__________
(¬1) وللإمام ابن دقيق العيد - رحمه الله - في كتابه «شرح الإلمام» (3/ 602) مناقشة نفيسة في هذا المبحث، فتأملها برعاية، والله الموفق.
(¬2) قوله: تعالى: {فَاغْسِلُوا وُجُهَكُمْ}، وكقوله ليس في (ق).
(¬3) انظر: «سر صناعة الإعراب» لابن جني (1/ 123).
(¬4) في (ق): "كان.
(¬5) في (خ): امسح برأس.

الصفحة 132