كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 1)

وفي رواية عن أبي حنيفة، وأحمد: منع الاستقبال في الصحارى والبنيان، وجواز الاستدبار فيهما، فهذه أربعة مذاهب.
احتج المانعون مطلقًا بهذا الحديث، وغيره من الصحيح؛ كحديث سلمان: قال المشركون: لقد علمكم نبيكم كل شيء، حتى الخراءة!! قال: أجل، لقد نهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول، أو نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار، أو نستنجي برجيع أو عظم، رواه مسلم، والترمذي، وأبو داود، والنسائي (¬1)، وبحديث أبي هريرة: «إنما أنا لكم بمنزلة الوالد، فإذا أتى أحدكم الغائط، فلا يستقبل القبلة، ولا يستدبرها، ولا يستطب بيمينه»، وكان يأمرنا بثلاثة أحجار، وينهى عن الروث، والرمة (¬2)، وغير ذلك من الصحيح، وأبقوا العموم على ظاهره، قالوا: ولأنه إنما مُنع لحرمة القبلة، وهذا المعنى موجود، كان البنيان، أو لم يكن، قالوا: ولأنه لو كان الحائل كافيا، لجاز في الصحراء؛ لأن بيننا وبين الكعبة جبالاً وأودية، وغير ذلك من أنواع الحائل.
¬__________
(¬1) رواه مسلم (262)، كتاب: الطهارة، باب: الاستطابة، والترمذي (16)، كتاب: الطهارة، باب: الاستنجاء بالحجارة، وأبو داود (7)، كتاب: الطهارة، باب: كراهعية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة، والنسائي (41)، كتاب: الطهارة، باب: النهي عن الاكتفاء في الاستطابة بأقل من ثلاثة أحجار.
(¬2) رواه أبو داود (8)، كتاب: الطهارة، باب: كراهية استقبال القبلة عند
قضاء الحاجة.

الصفحة 193