كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 1)

عنه في حديث، فقد صرح به في حديث آخر، فإن قالوا في حديث ابن عمر: إنه استدبر، قلنا: كان ذلك في البنيان، فأصح الأقوال ما قاله (¬1) مالك.
إلا أني أقول: في تخصيص عمومات هذه الأخبار الواردة بالمنع مطلقًا بحديث ابن عمر نظر؛ فإنه إنما يخصص العموم بأمر (¬2) يغلب على الظن أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قصد به أن يكون بيانا لتخصيص اللفظ (¬3) العام، ويبعد -في المعروف من عادته- أن يكون قصد أن يطلع عليه ابن عمر لينقل عنه ذلك للأمة، حتى يخصص لفظ (¬4) العام بذلك؛ فإنه -عليه الصلاة والسلام- كان أشد حياءً من العذراء في خدرها، فكيف يقصد أن يرى في مثل هذه الحال؟! وقد كان إذا أراد الخلاء، أبعد في المذهب.
لكن الجواب عن ذلك أن نقول: لعله عليه الصلاة والسلام كان عازما على أن يبين لهم تخصيص لفظه بغير هذا الفعل، فلما جلس ظانا أنه لا يراه أحد (¬5)، ثم رأى ابن عمر قد رآه، علم أنه يروي ذلك للناس، فيخصصون به عموم لفظه، فاكتفى بذلك، انتهى.
¬__________
(¬1) في (ق): "قال.
(¬2) بأمر زيادة من (ق).
(¬3) في (ق): "بالتخصيص العام.
(¬4) في (خ): لفظ.
(¬5) في (ق): "أحدا.

الصفحة 196