كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 1)

لمن لا يؤمن، وإلا، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - لا تحصر صفاته الجميلة من البشارة، والشجاعة، والكرم، وغير ذلك، وكذلك قوله -عليه الصلاة والسلام-: «إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إلي» (¬1)، أي: بالنسبة إلى الاطلاع على بواطن الخصم، لا بالنسبة إلى كل شيء، على ما تقرر، وكذلك قوله -تعالى-: {إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ} [محمد: 36]؛ أي: باعتبار من آثرها، والله أعلم، وإلا، فقد تكون سبيلا إلى الخيرات، وموصلة إلى الدرجات، عليها يبلغ الخير، وبها ينجو من الشر، أو يكون ذلك من باب التغليب لحال الأكثر؛ إذ الواقع كذلك، فاعتبر هذا الأص، فحيث دل السياق على الحصر في شيء مخصوص، فقل به، وإلا (¬2)، فالأصل الإطلاق، ومن قوله -عليه السلام-: «إنما الأعمال بالنيات».
فائدة: قال ابن خطيب زملكا (¬3) - رحمه الله -: أودع فهمك أن الأصل في
¬__________
(¬1) رواه البخاري (6566)، كتاب: الحيل، باب: إذا غصب جارية، ومسلم (1713)، كتاب: الأقضية، باب: الحكم بالظاهر واللحن بالحجة، من حديث أم سلمة - رضي الله عنها -.
(¬2) وإلا ليست في (ق).
(¬3) هو الإمام العالم عبد الواحد بن عبد الكريم، كمال الدين أبو المكارم ابن خطيب زملكا، كانت له معرفة تامة بالمعاني والبيان، وله فيه مصنف، هو جد الإمام الزملكاني، توفي سنة (651 هـ). انظر: «طبقات الشافعية الكبرى» للسبكي (8/ 316).

الصفحة 23