كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 1)

في (إنما): أن تجيء بخبر لا يجهله المخاطب، أو لما هو منزل (¬1) هذه المنزلة، ومثال الأول: قولهم: إنما يعجل من يخشى الفوت، وفي التنزيل: {إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ} [الأنعام: 36]، و {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا} [النازعات: 45]، كل ذلك يذكر بأمر معلوم، فإن كل عاقل يعلم أنه لا تكون استجابة إلا ممن يسمع، وأن الإنذار إنما يجدي إذا كان مع من يصدق بالبعث، ومنه قولك: إنما هو أخوك، وإنما هو صاحبك القديم لمن يقر به ويعلمه (¬2)، غير أنك تريد أن تنبهه على ما يجب من حق الأخوة عليه.
ومثال الثاني قوله: [الخفيف]
إِنَمَا مُصْعَبٌ شِهَابٌ مِنَ اللَّ ... هِ تَجَلَّتْ عَنْ وَجْهِهِ الظَّلْمَاءُ (¬3)
ادعى أن الممدوح بهذه الصفة ثابت له ذلك، معلوم لا خفاء به، على عادة الشعراء في دعواهم أن الصفات التي ذكرت للممدوح لا يكتنفها النزاع، كما قال البحتري: [الكامل]
لَا أَدَّعِي لِأَبِي الْعَلَاءِ فَضِيلَةً ... حَتَّى يُسَلِّمَهَا إِلَيْهِ عِدَاهُ
ومثله: إنما هو أسد وسيف صارم، كان ذلك مما لا يدفع (¬4).
¬__________
(¬1) في (خ): تتنزل.
(¬2) في (ق): "تقربه وتعلمه.
(¬3) البيت لعبيد الله بن الرقيات.
(¬4) قلت: ما نقله المؤلف عن ابن خطيب زملكا، هو بعينه في «دلائل الإعجاز» =

الصفحة 24