كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 1)

لاختلاف محالها، وقد كان الوضوء في صدر الإسلام واجبا لكل صلاة على ما حكوه، ولا شك أنه كان رافعا للحدث في وقت مخصوص، وهو وقت الصلاة، ولم يلزم من انتهائه بانتهاء وقت الصلاة في ذلك الوقت (¬1) أن لا يكون رافعا للحدث، ثم نسخ ذلك الحكم عند الأكثرين، ونقل عن بعضهم أنه مستمر، ولا شك أنه لا يقول: إن الوضوء لا يرفع الحدث.
نعم (¬2) هاهنا معنى رابع يدعيه كثير من الفقهاء، وهو أن الحدث وصف حُكْمِيٌّ مقدر قيامه بالأعضاء على مقتضى الأوصاف الحسية، ويُنْزِلُون ذلك الحكمي منزلة الحسي في قيامه بالأعضاء.
فما نقول: إنه يرفع الحدث؛ كالوضوء، والغسل يزيل ذلك الأمر الحكمي، فيزول المعنى المرتب على ذلك الأمر المقدر الحكمي.
وما نقول بأنه لا يرفع الحدث، فذلك المعنى (¬3) المقدر القائم بالأعضاء حكما باق لم يزل، والمعنى المرتب عليه زائل.
فبهذا الاعتبار نقول: إن التيمم لا يرفع الحدث، بمعنى: أنه لم يزل ذلك الوصف الحكمي المقدر، وإن كان المنع زائلاً.
وحاصل هذا: أنهم أثبتوا للحدث معنى رابعا غير ما ذكرناه من
¬__________
(¬1) الوقت ليس في (ق).
(¬2) في (ق): "فنعم.
(¬3) المعنى: ليس في (ق).

الصفحة 45