كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 1)

فإذا ثبت هذا، فالحمل على لفظها أكثر، ويجوز الحمل على معناها، وقد جمع الشاعر بين اللغتين في قوله: [البسيط]
كِلاَهُمَا حِينَ جَدَّ الجَرْيُ بَيْنَهُمَا ... قَدْ أقلَعا وَكِلاَ أَنْفَيْهِمَا رَابِي (¬1)
والألف في «كلا» منقلبة عن واو، والتاء في (كلتا) كذلك، وليست للتأنيث؛ إذ تاء التأنيث لا تكون قبلَها إلا فتحة، أو ألف، ولأنها لو كانت زائدة، لكان وزنها فِعْتَلاً، وفِعْتَل (¬2) ليس في الكلام، والكلام عليها مبسوط في كتب النحو، وإنما أردنا التنبيه على ذلك من
حيث الجملة (¬3).
تنبيه: لا ينبغي أن يُستدل للبصريين بقول عائشة -رضي الله عنها-: كلانا جُنُب؛ لأن جنباً في اللغة المشهورة يكون للواحد، والمثنى، والمجموع، والمذكر، والمؤنث، بلفظ واحد، كما تقدم.
الثالث: فيه جواز مباشرة الحائض، وكانت اليهود إذا حاضت المرأة فيهم، لم يؤاكلوها، ولم يشاربوها، فسأله - صلى الله عليه وسلم - بعض أصحابه عن ذلك، فأنزل الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222]، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إِلاَ النِّكَاحَ» (¬4)، وانعقد الإجماعُ على
¬__________
(¬1) البيت للفرزدق، كما في خزانة الأدب للبغدادي (1/ 131).
(¬2) في (ق): "فعتلا.
(¬3) وانظر: مغنى اللبيب لابن هشام (ص: 268).
(¬4) رواه مسلم (302)، كتاب: الحيض، باب: الاضطجاع مع الحائض في =

الصفحة 496