كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 1)
وما ينبغي تقديمه منها على غيره عند التعارض؛ ليتأكد القصد إليه، وتستمر (¬1) المحافظة عليه (¬2).
الثالث: الأظهر أن يكون المراد بالأعمال هنا: البدنية دون القلبية؛ لأن من الأعمال القلبية ما هو أفضل من الصلاة وسائر العبادات، وهو الإيمان الذي لا يقاومه شيء على الإطلاق، وقد جاء مصرحا بذلك في الحديث، في رواية: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أي: الأعمال أفضل؟ فقال: «إيمان بالله»، قيل: ثم ماذا؟ قال: «الجهاد في سبيل الله»، قيل: ثم ماذا؟ قال: «حج مبرور» (¬3)، فيؤخذ من هذا الحديث: أنه أريد به الأعمال مطلقًا؛ قلبية كانت، أو بدنية، وقد تقدم في حديث: «الأعمال بالنيات» الكلام على الأعمال، وهل يتناول أعمال القلوب، أو لا؟ على ما تقرر.
الرابع: ينبغي أن تعلم (¬4) أن الأحاديث جاءت مختلفة في فضائل الأعمال، وتقديم بعضها على بعض، وأشبه ما أجيب به عن ذلك: أنها منزلة بحسب الأشخاص والأحوال، فيكون أفضلها في حق الشجاع الباسل مثلاً: الجهاد، وفي حق الجبان الفقير: بر الوالدين،
¬__________
(¬1) في (ق): " «ولتستمر».
(¬2) انظر: شرح عمدة الأحكام لابن دقيق (1/ 131).
(¬3) رواه البخاري (26)، كتاب: الإيمان، باب: {فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَوَاةَ} [التوبة: 5]، ومسلم (83)، كتاب: الإيمان، باب: بيان كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(¬4) في (ق): " «تعلم».