كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 1)

فيكون قوله -عليه الصلاة والسلام-: «أبردوا» أمرا بإباحة، ويكون تعجيله لها في الهاجرة أخذًا بالأشق، والأولى.
قلت: وهذا لا يستقيم؛ لأنه -عليه الصلاة والسلام- نبه على علة الإبراد بقوله: «فإن شدة الحر من فيح جهنم»، وإذا كانت العلة تقتضي الإبراد ولا بد، فكيف يكون ترك الإبراد الأولى؟
ثم قال: أو يقول من يرى الإبراد سنة: إن التهجير لبيان الجواز، وفي هذا بعد؛ لأن قوله: «كان» يشعر بالكثرة والملازمة عرفًا (¬1).
قلت: فقد تحصل من مجموع هذا عدم الجمع بين الحديثين على التحقيق، والأشبه عندي أن يكون حديث التعجيل منسوخا بحديث الإبراد؛ كما قاله جماعة من العلماء على ما حكاه ح في «شرح مسلم» وقال آخرون: المختار استحباب الإبراد؛ لأحاديثه، وأما حديث خباب، فمحمول على أنهم طلبوا تأخيرا زائدا على قدر الإبراد؛ لأن الإبراد أن تؤخر الصلاة بحيث يحصل للحيطان ظل يمشون فيه، والله أعلم (¬2).
وأما العصر (¬3)، فلقوله: «والشمس نقية»، وقد تقدم أن ذلك
¬__________
(¬1) انظر: «شرح عمدة الأحكام» لابن دقيق (1/ 134 - 135).
(¬2) انظر: «شرح مسلم» للنووي (5/ 117).
(¬3) كذا في (خ)، ولعل الصواب: المغرب، فإنه بصدد الكلالام عن وقت المغرب، والعبارة كما في «شرح العمدة» لابن دقيق: «وقوله: «والمغرب =

الصفحة 537