كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 1)

وفيه دليل على أن العقب محل للتطهير؛ خلافًا لمن لم يوجب ذلك، وظاهر الحديث أو نصه وجوب غسل الرجلين في الطهارة دون المسح، وهو مذهب جمهور السلف وأئمة الفتوى.
قال القرطبي: وقد حكي عن ابن عباس، وأنس، وعكرمة: أن فرضهما المسح، إن صح ذلك عنهم، وهو مذهب الشيعة، وذهب ابن جرير الطبري إلى أن فرضهما التخيير بين الغسل والمسح.
وسبب الخلاف اختلاف القَرأَة (¬1) في قوله تعالى: {وَأَرْجُلِكُمْ} {وَأَرْجُلَكُمْ} بالخفض والنصب، وقد أكثر الناس في تأويل هاتين القراءتين، والذي ينبغي أن يقال: إن قراءة الخفض عطف على الرأس، فهما يمسحان، لكن إذا كان عليهما خفان، وتلقَّينا هذا القيد (¬2) من فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ إذ لم يصح عنه أنه مسح رجليه إلا وعليهما خفان، والمتواتر عنه غسلهما، فبين النبي - صلى الله عليه وسلم- بفعله الحال التي تغسل فيها الرجل، والحال التي تمسح فيها، فليكتف بهذا، فإنه بالغ، انتهى (¬3).
وبالتخيير المذكور قال داود.
و (¬4) حكي عن بعض أهل الظاهر، والإمامية من الرافضة: إيجاب (¬5)
¬__________
(¬1) في (ق): "القراء.
(¬2) في (ق): "التقييد.
(¬3) انظر: تفسير القرطبي (6/ 92 - 93).
(¬4) الواو ليست في (ق).
(¬5) في (ق): "وهو إيجاب.

الصفحة 55