كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 1)

-على ما تقدم-، ثم الآثار، ثم ما ورد فيها من الاختصاص والفضل، ودل على شرف وقتها في شرعنا وشرع من قبلنا.
وأما ما روي عن (¬1) عائشة -رضي الله عنها-: أنها أملَت على كاتبها: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وصلاة العصر وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}، ثم قالت: سمعتها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬2).
وروي عن حفصة بنت عمر -رضي الله عنها- نحوه (¬3)، والعطف يدل على التغاير، فلا يعارض ما جاء في ذلك من الأحاديث
الصحيحة؛ لأنه لا حجة فيه من حيث كانت القراءة الشاذة لا توجب علما، ولا عملاً، قال ابن العربي: باتفاق الأمة.
قلت: قوله: باتفاق الأمة فيه نظر؛ فإن الشيخ أبا الوليد الباجيَّ -رحمه الله- قال في المنتقى في قوله تعالى: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9] ما معناه: إن العلماء اختلفوا
¬__________
= وقال ابن دقيق العيد في شرح العمدة (1/ 139): اختلفوا في تعيين الصلاة الوسطى؛ فذهب أبو حنيفة وأحمد إلى أنها العصر، ودليلهما هذا الحديث -يعني: حديث الباب- مع غيره، وهو قويٌّ في المقصود، وهذا المذهب هو الصحيح في المسألة.
(¬1) في (خ): ما روت.
(¬2) رواه مسلم (629)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: الدليل لمن قال: الصلاة الوسطى هي صلاة العصر.
(¬3) رواه الإمام مالك في الموطأ (1/ 139)، وابن حبان في صحيحه (6323)، وابن جرير في تفسيره (2/ 562)، وغيرهم.

الصفحة 563