كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 1)

ولا يعلف، ولكن لمَّا اشترك المعطوف والمعطوف عليه في الجهة العامة، جاز العطف، وكره التصريح بالفعل الثاني في المعطوف عليه؛ لئلا ينقطع استرسال الكلام الفصيح، وتسيطر المتكلم (¬1) واستحقاره، وعدم التفاته إلى تفاصيل ذلك، مع الاشتراك في أمر كلي هو الذي حسن ذلك، وهذا ينضم إلى ما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لمَّا علمهم الوضوء، غسل رجليه، وما فهمته الصحابة رضي الله عنهم، واستمر عليه فعل السلف، هذا آخر كلام الإمام في «البرهان» (¬2).
وإنما أطلنا الكلام في هذه المسألة؛ لأن بعض من يقول بالمسح في الرجلين يدعي أن ذلك بنص القرآن، وأن من يقول بالغسل متعلقه خبر واحد، ولا يصح نسخ القرآن بخبر الواحد (¬3)، ولو كان القرآن نصا فيما ادعاه، لكان الأمر كما قال (¬4)، فأردنا أن نبين بما ذكرناه خروج الآية عن رتبة النصوص (¬5) في الدلالة على المسح، وإمكان تطرق التأويل إليها.
ثم نقول: الذي يعضد هذا التأويل ما ذكرناه من كون الرسول -عليه الصلاة والسلام- لمَّا علمهم الوضوء، غسل رجليه، وكل
¬__________
(¬1) في (ق): "وبنظر الكلام.
(¬2) انظر: «البرهان في أصول الفقه» للجويني (3/ 356).
(¬3) في (ق): "واحد.
(¬4) في (ق): "على ما قال.
(¬5) في (ق): "المنصوص.

الصفحة 59