كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 1)

فضيلة صلاة الفذ، وما هو باطل لا فضيلة فيه، لا يقال: إن هذه الصيغة قد ترد مع عدم الاشتراك في الأصل؛ كقولهم: العسل أحلى من الخل؛ لأنا نقول: إن ذلك خلاف الأصل لغة، وأيضا: فإن ذلك إنما يقع عند الإطلاق، وأما التفاضل بزيادة عدد، فيقتضي قطعا أن ثم جزءا معدودا يزيد أجزاء أخر؛ كما إذا قلنا: هذا العدد يزيد على ذلك بكذا وكذا من الآحاد، فلا بد من وجود أصل العدد، وجزء معلوم (¬1) في الآخر.
ويزيد ذلك بيانا قوله -عليه الصلاة والسلام- في الرواية الأخرى: «تزيد على صلاته وحده، أو تضاعف»؛ فتإن ذلك يقتضي وجود شيء يزاد عليه، وعددا يضاعف، والله أعلم (¬2).
الخامس: المشهور من مذهب مالك - رحمه الله - تساوي الجماعات في الفضيلة، فصلاة ألف -مثلا- كصلاة اثنين.
والقول الآخر: تفضل الجماعة الكثيرة على القليلة، وبه قال (¬3) الشافعية.
وهذا الحديث يدل على (¬4) للمشهور [1] من مذهب مالك - رحمه الله -، وبيانه: أنه لا مدخل للقياس في الفضائل، فإذا دل الحديث على الفضل بمقدار
¬__________
(¬1) في (خ): معدوم.
(¬2) انظر: «شرح عمدة الأحكام» لابن دقيق (1/ 157).
(¬3) في (ق): "قالت.
(¬4) في (ق): "يؤيد.

الصفحة 613