كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 1)
يقتل أصحابه» (¬1) مشعرا بما ذكرنا من التخيير؛ لأنه لو كان يجب عليه ترك قتالهم، لكان الجواب بذكر المانع الشرعي، وهو أنه لا يحل قتلهم.
ومما يشهد لمن قال: إن ذلك في المنافقين -عندي-: سياق الحديث من أوله، وهو قوله -عليه الصلاة والسلام-: «أثقل الصلاة على المنافقين»، ووجه آخر في تقرير كونه في المنافقين (¬2)؛ أن نقول: هم الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالتحريق يدل على جوازه، وتركه التحريق يدل على جواز هذا الترك، فإذن يجتمع جواز التحريق وجواز تركه في حق هؤلاء القوم، وهذا المجموع لا يكون في المؤمنين فيما هو حق من حقوق الله تعالى (¬3).
قلت: ويقوي ذلك أيضا: ما في أبي داود عن ابن مسعود - رضي الله عنه -: ولقد رأيتنا و (¬4) ما يتخلف عنها إلا منافق بين النفاق، ولقد رأيتنا وإن الرجل ليهادى (¬5) بين الرجلين حتى يقام في الصف، الحديث (¬6).
¬__________
(¬1) رواه البخاري (3330)، كتاب: المناقب، باب: ما ينهى من دعوى الجالهلية، ومسلم (2584)، كتاب: البر والصلة والآداب، باب: نصر الأخ ظالما أو مظلوما، من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنه -.
(¬2) في (ق): "للمنافقين.
(¬3) انظر: «شرح عمدة الأحكام» لابن دقيق (1/ 164).
(¬4) الواو زيادة من (ق).
(¬5) في (ق): "ليتهادى.
(¬6) رواه أبو داود (550)، كتاب: الصلاة، باب: في التشديد في ترك الجماعة.