كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 1)
التشديد في الابتداع بالنسبة إلى ذلك الجنس، أو التخفيف، ألا ترى أنا إذا نظرنا إلى البدع المتعلقة بأمور الدنيا لم تساو البدعة المتعلقة بأمور الأحكام الفرعية؟ ولعنلها -أعني: البدع المتعلقة بأمور الدنيا- لا تكره أصلا، بل كثير منها يجزم فيه بعدم الكراهة، وإذا (¬1) نظرنا إلى البدع المتعلقة بالأحكام الفرعية لم تكن مساوية للبدع المتعلقة بأصول (¬2) العقائد، فهذا ما أمكن ذكره في هذه المواضع، مع كونه من المشكلات القوةية؛ لعدم الضبط فيه (¬3) بقوانين (¬4) تقدم ذكرها للسابقين.
وقد تباين الناس في هذا الباب تباينا شديدا، حتى بلغني أن بعض المالكية -قلت: وأظن أبا القاسم الحسن بن الحباب (¬5) - رحمه الله تعاالى- مر في ليلة من إحدى ليلتي الرغائب- أعني: التي في رجب، أو التي في شعبان بقوم يصلونها، وقوم عاكفين على محرم، فحسن حال العاكفين على المحرم على حال المصلين لتلك الصلاة، وعلل ذلك: بأن العاكفين على المحرم عالمون بأنهم مرتكبون للمعصية، فيرجى لهم الاستغفار والتوبة، والمصلون لتلك الصلاة -مع امتناعها عنده- يعتقدون أنهم في طاعة، فلا يتوبون ولا يبستغفرون.
¬__________
(¬1) في (ق): "فإذا.
(¬2) في (ق): "بأمور.
(¬3) في المطبوع من «شرح العمدة»: «لعدم ضبطه.
(¬4) في (ق): "بقرائن.
(¬5) في (ق): "الجباب.