كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 1)
وقد اختلف أصحابنا فيها، هل هي سنة، أو رغيبة؟
الثالث: قوله -عليه الصلاة والسلام-: «ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها»، قيل: معناه: خير من متاع الدنيا.
قلت: وفي هذا التفسير نظر؛ فإنه قد جاء في الحديث الآخر: «الدنيا ملعونة، ملعون ما فيها، إلا ذكر الله» الحديث (¬1) (¬2)، و «خير» هنا: أفعل التفضيل، وهي تقتضي (¬3) المشاركة في الأصل والزيادة (¬4)؛ كما تقرر، ولا مشاركة بين فضيلة ركعتي الفجر ومتاع الدنيا المخبر عنه؛ لأنه ملعون، ويبعد أن يحمل كلام الشارع على ما شذ من قولهم: العسل أحلى من الخل، إلا أن يقال: إن المعنى: ما يحصل من نعيم ثواب ركعتي الفجر في الدار الآخرة خير من جميع ما يتنعم (¬5) به في الدنيا، فترجع المفاضلة إلى ذات النعيم الحاصل في الدارين، لا إلى نفس ركعتي الفجر، ومتاع الدنيا، والله أعلم.
¬__________
(¬1) الحديث ليس في (خ).
(¬2) رواه الترمذي (2322)، كتاب: الزهد، باب: 14، وقال: حسن غريب، وابن ماجه (4112)، كتاب: الزهد، باب: مثل الدنيا، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(¬3) في (ق): "وهو يقتضي.
(¬4) في (ق): "وزيادة.
(¬5) في (خ): ما ينعم.