كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 1)

قلت: أجل، ولكنه جاء على طريق المبالغة والتأكيد، وربما سمى أهل علم البيان مثل هذا توطئة (¬1)، وهو أن يكون المعنى مستقلاً بالأول، ويؤتى باللفظ الثاني لما ذكر، فتنبه لها إشارة ما أسناها، ولطيفة ما أحلاها (¬2)، زادنا الله فهما وعلما من كلامه وكلام رسوله، وبّلغ كُلاً منا غاية قصده وسؤله (¬3)، آمين، بمنه وَطوله.
السادس: قوله -عليه الصلاة والسلام-: «فليغسل يديه):) اختلف أصحابنا في غسل اليدين قبل إدخالهما في الإناء، هل هو تعبد، أو معلل؟
فمن نظر إلى العدد، قال بالتعبد؛ لأن هذا الغسل إما للنجاسة، وإما للشك في وجودها، وكلاهما لا يقتضي عدداا مخصوصا.
ومن نظر إلى قوله -عليه الصلاة والسلام-: «فإنه لا يدري أين باتت يده)،) قال بالتعليل، قالوا: وذلك أنهم كانوا يستنجون بالأحجار، وربما عرق الإنسان، وجالت يده، فوقعت على المحل، أو على بثرة في جسمه، أو قملة، وشبه ذلك، فأمروا بغسل اليدين قبل إدخالهما في الإناء؛ إذ الغالب من آنية الوضوء أن تكون صغيرة يؤثر فيها ما يتحلل من اليدين، هكذا يقول من نحا إلى التعليل.
وتظهر فائدة هذا الخلاف في موضعين:
¬__________
(¬1) في (خ): تطرئة.
(¬2) في (ق): "ما أجلاها.
(¬3) في (ق): "وسؤاله.

الصفحة 70