كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 1)

قال ابن حبيب: فإن أدخل يده في الإناء قبل الغسل، فسد الماء.
وقال مالك: لا يفسد، وإن قلَّ، إِلَّا أن تتبين نجاسته (¬1).
قال سند (¬2): يستحب إراقة ذلك الماء؛ لأن قوله -عليه الصلاة والسلام-: «لا يدري أين باتت يده» منه يقتضي كراهية (¬3) ذلك الماء إن لم يغسلهما، وقد طرح سؤر الدجاج، وإن لم تتيقن نجاسته، وقال بإراقته الحسن البصري، وابن حنبل.
قلت: إنما يقول الحسن بإراقته إذا كان من نوم الليل خاصة، وحكي عن أحمد رواية: أنه إن قام من نوم الليل، كره كراهة تحريم، وإن قام من نوم النهار، كره كراهة تنزيه، ووافقه داود الظاهري، اعتمادا على لفظ المبيت في الحديث، وهذا ضعيف جدا؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - نبه على العلّة بقوله: «فإنه لا يدري أين باتت يده»، ومعناه: لا يأمن النجاسة على يده، وهذا عام؛ لاحتمال وجود (¬4) النجاسة في نوم الليل والنهار، وفي اليقظة، وذكر الليل أولاً؛ لأنه (¬5) الغالب، ولم يقتصر
¬__________
(¬1) انظر: المنتقى لابن الباجي (1/ 297).
(¬2) هو سند بن عنان بن إبراهيم، أبو علي الأزدي، كان فاضلا من أهل النظر، وألف كتابا حسنا في الفقه سماه: «الطراز» شرح به «المدونة» في نحو ثلاثين سفرا، وتوفي قبل إكمال.
توفي سنة (541 هـ). انظر: الديباج المذهب لابن فرحون (ص: 126).
(¬3) في (ق): "كراهة.
(¬4) وجود ليست في (ق).
(¬5) في (ق): "لكونه.

الصفحة 72