كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 1)

قبل إدخالها في الإناء، قال: ولتعلم الفرق بين قولنا: يستحب فعل كذا، وبين قولنا: يكره تركه؛ فإنه لا تلازم بينهما، فقد يكون الشيء مستحب الفعل، ولا يكون مكروه الترك؛ كصلاة الضحى، وكثير من النوافل، فغسلهما لغير المستيقظ من النوم قبل إدخالهما الإناء من المستحبات، وترك غسلهما للمستيقظ من المكروهات، فقد ورد صيغة النهي عن إدخالهما في الإناء (¬1) قبل الغسل في حق المستيقظ من النوم، وذلك يقتضي الكراهة على أقل الدرجات (¬2).
قلت: وظاهر كلام أصحابنا، أو نصه: أنه لا فرق بين المستيقظ وغيره، وإن كانوا يفرقون بين المكروه وترك الأولى، كما قال.
الثامن: قوله -عليه الصلاة والسلام-: «فإنه (¬3) لا يدري أين باتت يده»، فيه استحباب استعمال الكنايات فيما يستحيى من التصريح به، فإنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يدري أين باتت يده»، ولم يقل: فلعل يده وقعت على دبره، أو ذكره، أو على نجاسة ونحو ذلك، وإن كان هذا في معنى قوله (عليه الصلاة والسلام)، ولهذا نظائر كثيرة في القرآن العزيز، والأحاديث الصحيحة.
وهذا إذا علم أن (¬4) السامع يفهم بالكناية
¬__________
(¬1) في الإناء ليست في (ق).
(¬2) انظر: شرح عمدة الأحكام لابن دقيق (1/ 20).
(¬3) فإنه ليس في (ق).
(¬4) أن ليس في ق).

الصفحة 74