كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 1)

قال الجوهري: وتدويم الطير: تحليقه، وهو دورانه في تحليقه؛ ليرتفع إلى السماء، وقال بعضهم: تدويم الكلب: إمعانه في الهرب (¬1).
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «الذي لا يجري»، قيل: هو توكيد لمعنى الدائم، وتفسير له.
وهذا عندي ضعيف، والذي يليق بالحديث غيره، وهو أن يقال: لا يمتنع أن يطلق على البحار والأنهار الكبار التي (¬2) لا ينقطع ماؤها؛ أنها دائمة، بمعنى أنها غير منقطع ماؤها، وقد اتفق على أنها غير مرادة في هذا الحديث، فيكون قوله -عليه الصلاة والسلام-: «الذي لا يجري»، مخرجا لها من حيث كان يطلق عليها أنها دائمة (¬3) بالمعنى المذكور. و (¬4) هذا أولى من حمله على التوكيد الذي الأصل عدمه، ولأنَّ حمل الكلام على فائدة جديدة أولى من التوكيد، لاسيما كلام الشارع، بل أقول: لو لم يأت قوله: «الذي لا يجري»، لكان مجملاً بحكم (¬5) الاشتراك بين الدائر والدائم، فلا يصح الحمل على التوكيد، والله أعلم.
¬__________
(¬1) انظر: الصحاح للجوهري (5/ 1922)، مادة: (دوم).
(¬2) في (خ): الذي.
(¬3) في (ق): "دائرة.
(¬4) الواو ليست في (خ).
(¬5) في (ق): "بحسب.

الصفحة 81