كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 1)

فقد رأيت موافقته في جواز الجزم لابن مالك، وهو ضعيف، كما قاله القرطبي آنفًا.
ق (¬1): وهذا التعليل الذي عّلل به يحيى -يعني (¬2) النواوي- امتناع النصب ضعيف؛ لأنه ليس فيه أكثر من كون هذا الحديث لا يتناول النهي عن البول في الماء الراكد بمفرده، وليس يلزم أن يدل على الأحكام المتعددة بلفظ واحد، فيؤخذ النهي عن الجمع من هذا الحديث (¬3)، ويؤخذ النهي عن الإفراد من حديث آخر، والله أعلم (¬4).
قلت: ووقع لي أن مثل هذا الحديث على القول بجواز النصب: قوله تعالى: {وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ} [البقرة: 42]، على أحد الوجهين، وهو النصب لا الجزم؛ فإن النهي في الآية أيضا عن شيئين:
أحدهما: لبس الحق بالباطل، وهو زيادتهم في التوراة ما ليس منها.
والثاني: كتمان الحق، وهو جحدهم ما فيها من نعوته -عليه الصلاة والسلام-، وغير ذلك، حتى إنه يقال في الآية أيضا على
¬__________
(¬1) في (ق): "قلت.
(¬2) يحيى -يعني- ليس في (ق).
(¬3) في (ق): "الواحد.
(¬4) انظر: «شرح الإلمام» لابن دقيق (1/ 178).

الصفحة 86