كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 1)

لا يحل لذلك البائل خاصة الوضوء منه، ولا الغُسل، وإن لم يجد غيره، وفرضه (¬1) التيمم، وجائز لغيره الوضوء منه والغُسل، وهو طاهر مطهر لغير الذي بال فيه، قال: ولو تغوط فيه، أو بال خارجا منه، فسال البول إلى الماء الدائم، أو بال في إناء (¬2) وصبه في ذلك الماء، ولم تتغير له صفة، فالوضوء منه والغُسل جائز لذلك المتغوط فيه، والذي سال بوله فيه، ولغيره (¬3).
فيا له مذهبا ما أشنعه، ومعتقدا ما أبشعه!
وممن شنع على ابن حزم في ذلك، الحافظ أبو بكر بن مفوز، فقال (¬4) بعد حكاية كلامه: فتأمل -أكرمك الله- ما جمع هذا القول من السخف، وحوى من الشناعة! ثم يزعم أنه الدين الذي شرعه الله تعالى، وبعث به رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
واعلم -أكرمك الله- أن هذا الأصل الذميم مربوط إلى ما أقول، ومخصوص على ما أمثل: أن البائل في (¬5) الماء الكثير -ولو نقطة، أو جزءًا من نقطة-، فحرام عليه الوضوء منه، وإن تغوط فيه حِملًا، أو
¬__________
(¬1) في (ق): "ففرضه.
(¬2) في (ق): "في الماء.
(¬3) انظر: «المحلى» لابن حزم (1/ 135).
(¬4) فقال ليست في (ق).
(¬5) في (ق): "على.

الصفحة 92